الرئيس الزُبيدي يناقش مع السفير الأمريكي مستجدات الأوضاع الاقتصادية والأمنية في بلادنا.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يرأس اجتماعا استثنائيا لرؤساء الهيئات التنفيذية بالمحافظات وعدد من دوائر الأمانة العامة..انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يؤكد دعمه للجهود التطويرية لمؤسسة موانئ خليج عدن.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الخميس - 06 مارس 2025 - الساعة 03:38 م بتوقيت عدن ،،،

4مايو/تقرير خاص_مريم بارحمة



في أعماق بحر العرب، حيث تتلاقى الطبيعة الخلابة مع التاريخ العريق، تقع جزيرة سقطرى، درة الجنوب العربي وإحدى أكثر مناطق الجنوب تميزًا في العالم. تمتاز الجزيرة ببيئة طبيعية استثنائية جعلتها ضمن قائمة التراث العالمي، لكن ما يضفي عليها سحرًا إضافيًا هو إرثها اللغوي الفريد اللغة السقطرية، إحدى اللغات الجنوبية القديمة التي ما زالت صامدة أمام التحديات الزمنية. تُعد هذه اللغة جزءًا من الهوية الثقافية لسكان الجزيرة وتمثل امتدادًا لغويًا لحضارات جنوبية عريقة، مما يجعلها كنزًا لغويًا يستحق الدراسة والحماية.

-الموقع الجغرافي لسقطرى وأهميتها الاستراتيجية

تقع جزيرة سقطرى في المحيط الهندي، تحديدًا عند التقاء بحر العرب بخليج عدن، على بعد حوالي 380 كم من الساحل الجنوبي لليمن. تبلغ مساحتها 3650 كيلومترًا مربعًا، مما يجعلها أكبر جزيرة بالجنوب، وتتمتع بخصوصية جغرافية وبيئية فريدة جعلتها محط اهتمام عالمي.
يعود تميز سقطرى إلى موقعها الاستراتيجي الذي جعلها نقطة التقاء للتجارة البحرية منذ العصور القديمة، حيث كانت ممرًا رئيسيًا للقوافل البحرية بين الهند وشبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا. كما أن عزلتها النسبية ساهمت في الحفاظ على نظامها البيئي الفريد وعلى لغتها الخاصة التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم.

-اللغة السقطرية إرث حضاري متجذر في الجنوب

-أصل اللغة السقطرية وتصنيفها

اللغة السقطرية هي إحدى اللغات السامية الجنوبية الحديثة، وتنتمي إلى مجموعة اللغات الشرقية للغة العربية الجنوبية، مثل المهرية والشحرية. يُعتقد أن جذورها تعود إلى اللغات التي كانت تُستخدم في مملكة حضرموت القديمة، مما يجعلها امتدادًا تاريخيًا لحضارات الجنوب العربي.

-خصائص اللغة السقطرية

تتميز اللغة السقطرية بعدة خصائص لغوية تجعلها مختلفة عن العربية الفصحى وحتى عن اللهجات الجنوبية الدارجة، ومن أهم ميزاتها:
أبجدية منطوقة: لا تمتلك اللغة السقطرية نظامًا كتابيًا رسميًا، بل تعتمد على النقل الشفهي، مما يجعلها عرضة لخطر الاندثار.
مفردات قديمة نادرة: تضم العديد من الكلمات التي لم تعد تُستخدم في العربية المعاصرة، مما يعكس إرثًا لغويًا فريدًا.
نحو وصرف مختلفان: تتبع اللغة نظام تصريف للأفعال والأسماء يختلف عن العربية الكلاسيكية.
التأثيرات التاريخية: تأثرت اللغة السقطرية بلغات عدة نتيجة للتواصل التجاري والهجرات، لكنها حافظت على طابعها المميز.


-استخدام اللغة السقطرية اليوم

لا تزال اللغة السقطرية تُستخدم بين سكان الجزيرة في الحياة اليومية، لكن انتشار التعليم الحديث والإعلام باللغة العربية جعل الأجيال الشابة أقل تمسكًا بها. ورغم ذلك، هناك جهود تبذلها بعض المؤسسات للحفاظ عليها عبر التوثيق والدراسات الأكاديمية.

-سقطرى.. بيئة طبيعية فريدة وهوية ثقافية متكاملة

-التنوع البيئي والطبيعي

تُعرف سقطرى بأنها "جزيرة العجائب" بسبب التنوع البيولوجي الفريد فيها، حيث تضم أنواعًا نادرة من النباتات والحيوانات لا توجد في أي مكان آخر في العالم. من أبرز المعالم الطبيعية فيها:
شجرة دم الأخوين: وهي رمز الجزيرة وأحد أندر الأشجار في العالم، تعود إلى آلاف السنين.
المرتفعات الجبلية والكهوف: مثل جبال حجهر وكهوف حوق، التي تعد أماكن جذب للسياحة البيئية.
الشواطئ البكر: تتميز سقطرى بسواحلها الخلابة ذات الرمال البيضاء والمياه الصافية، مثل شاطئ قلنسية.

-التراث والثقافة في سقطرى

إلى جانب اللغة السقطرية، تمتلك الجزيرة إرثًا ثقافيًا غنيًا يشمل:
الفنون الشعبية: كالرقصات التقليدية مثل "الشبواني" والأهازيج البحرية.
الحرف اليدوية: مثل صناعة القوارب الصغيرة، والسجاد اليدوي.
النظام الاجتماعي: يتسم المجتمع السقطري بالترابط القوي والتقاليد الراسخة.


-تحديات تواجه اللغة السقطرية وضرورة الحفاظ عليها


من أبرز التحديات التحديث وانتشار العربية الفصحى: مما أدى إلى تراجع استخدام اللغة السقطرية بين الشباب.
عدم وجود توثيق رسمي: حيث لا تُدرّس اللغة في المناهج الدراسية، مما يهدد باندثارها.
الهجرة والتغيرات الاجتماعية: أدت الهجرات المتزايدة من الجزيرة وإليها إلى تقليص استخدام اللغة بين الأجيال الجديدة.

-جهود الحفاظ على اللغة السقطرية

هناك جهود تبذل للمحافظة على اللغة السقطرية ومنها:
مشاريع التوثيق: حيث بدأت بعض الجامعات والباحثين في تسجيل اللغة السقطرية ضمن الدراسات اللغوية.
إدراج اللغة في المناهج المحلية: يمكن أن يساعد تدريس اللغة السقطرية في المدارس في الحفاظ عليها للأجيال القادمة.
دعم الفنون والتراث المحلي: من خلال إحياء الشعر والغناء الشعبي السقطري.

-كيف يسعى المجلس الانتقالي للحفاظ عليها؟

يُولي المجلس الانتقالي الجنوبي اهتمامًا خاصًا بالحفاظ على اللغة السقطرية، إدراكًا منه لأهميتها في تعزيز الهوية الثقافية لسكان جزيرة سقطرى. تُرجم هذا الاهتمام إلى خطوات عملية ملموسة، أبرزها:
-إنشاء مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث: في 9 مايو 2023، تم إشهار هذا المركز بمبادرة من النخب الثقافية والشبابية، بهدف توثيق اللغة السقطرية وتدريسها للأجيال القادمة. يسعى المركز إلى إدراج اللغة السقطرية ضمن المناهج الدراسية، وتعزيز استخدامها في المجتمع السقطري.
-دعم السلطة المحلية للمركز: تحرص السلطة المحلية في سقطرى، بقيادة المحافظ رأفت الثقلي، على توفير الدعم اللازم للمركز ليؤدي دوره في حماية اللغة السقطرية. يشمل ذلك تنفيذ برامج ودراسات وبحوث تسهم في إنهاء خطر الاندثار الذي تواجهه اللغة السقطرية.
-توجيهات القيادة الجنوبية: تأكيدًا على أهمية اللغة السقطرية، وجه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الجهات المختصة لدعم توثيق اللغة وتطويرها، باعتبارها جزءًا من التراث الثقافي الجنوبي الذي يعود تاريخه لآلاف السنين.




اللغة السقطرية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الجنوبية والتراث الثقافي لسكان سقطرى. تمثل هذه اللغة رابطًا تاريخيًا يعكس عراقة الجنوب، مما يجعل الحفاظ عليها مسؤولية وطنية وثقافية.
ورغم التحديات التي تواجهها، فإن هناك أملًا في أن تستمر اللغة في البقاء والتطور من خلال جهود التوثيق والتعليم ودعم المجتمع المحلي والمجلس الانتقالي الجنوبي. هذه الجهود المشتركة بين المجلس الانتقالي والسلطة المحلية والنخب الثقافية تهدف إلى حماية اللغة السقطرية من الاندثار، وضمان استمرارها كجزء أساسي من الهوية الثقافية لسكان سقطرى.
إن سقطرى، بجمالها الطبيعي وتاريخها العريق، ستظل رمزًا للهوية الجنوبية المتجذرة عبر الزمان.