السبت - 18 أغسطس 2018 - الساعة 02:00 ص
1
صبيحة 12أغسطس الجاري ، وطأت قدماي مطار عدن ، وذلك بعد غياب ثمانية أشهر تقريباً ، وأذهلني مستوى البؤس الذي شاهدته في عيون الناس هنا ، وبين ماكنت أتابعه في وسائل التواصل في مصر.. هنا كان حجم البؤس صادماً للنفس ، ورأيتُ ذلك مباشرة في عيون الموظفين في المطار والمستقبلين ، وحاملي الحقائب ، وحتى في الشارع وأنا اتجه الى منزلي ، وأصدق ماعبّر عن ذلك كما لمست هو في قيمة أجرة التاكسي من بوّابة المطار الى آخر صبّيه خرسانية من التي حوّلت مطارنا الى ثكنةٍ عسكريّة ، وهي مسافة لاتزيد عن 250متراّ - ربع كيلومتر فقط - لكن الأجرة كانت 2000 ريالٍ يمني منحوس .. تصوّروا !!
2
إنه الغلاء الفاحش ، إنه الإنهيار الإقتصادي الكارثي ، وهو كابوس ثقيل الوطيئ على الشعب ولاشك ، والسبب فيه سلطة العبث والفساد في المعاشيق ، وفي الوقت الذي يصطلي فيه الناس بكل تبعات هذا الفساد والعبث ، بينما يواصل لصوص هذه السلطة والأفاكين شراء العقارات وبنائها في القاهرة وغيرها ، وبلغ عددها الآلاف هناك!! وهي مفارقة تثيرُ الغضب ولاشك ..
3
مايثير الإستفزاز ايضا ، هو أن كل الوزراء المحترمين في الدول التي تحترم نفسها ، كلهم يستقيلون عند أبسط هفوةٍ أو فشلٍ في الأداء ، وهنا يتشبّثون أكثر بالسلطة ، حتى لو تحوّل كل الشعب الى جياعٍ ومتسوّلين ! وهذا من مسؤولية رئيس البلاد ، وايضا من مسؤولية دول التحالف العربي .. فالأول ونائبهِ يعينون لصوصاً فاشلين وفاسدين وزراء ومسؤولين ، بل وهم من تركةِ المأفون عفاش ، والآخرين - التحالف - يصمتون على عبث وفساد ولصوصية هذه السلطة ، بل ويستضيفونهم في بلادهم!! وهم يرون ويعايشون أن الشعب يتفجر غضباً من أدائهم ولصوصيتهم !
4
الغريب أنهم - التحالف - وفي أحداثٍ مماثلة في الأردن ( الملكية) ، وعندما هاج الشعب ضدّ الملك ، أنهم تداعوا جميعاً وبطلبٍ من الشقيقة السعودية للإجتماع سريعا ، وذلك لدعم الملك الأردني وإسنادهِ ، بل وإجراءِ الإصلاحات وفوراً ! لماذا ؟! لأنهم ملكيون كما يتضح جلياً ، وهنا لا ، بل وتواصل السعودية طرد المغتربين اليمنيين ، وهذا فاقم الأزمة هنا ، وهي أعجوبة ولاشك ، مع أنه نحن من نحمي ظهورهم وأجنابهم من التّغول الإيراني ومخططاته ضدهم ، بل ونقدّم التضحيات الجسيمة من أرواحنا وأبنائنا ايضا !!
5
أقول هذا بكل صدقٍ ممزوج بالمرارة ، لأن الوضع كارثيا جدا اليوم ، خصوصاً على جنوبنا ، فأكثرنا موظفون ومتقاعدون بمرتبات ضئيلة جداً ، وهذه الوحدة المشؤمة قد قصمت ظهورنا كما يعرف الجميع ، مع أن بعض الموظفين الجنوبيين أصحاب المرتبات العالية - 400 ألف ريال ومافوق - في مرافق معينة ، هؤلاء يشعرون بشيئٍ من التفاؤل ، بل ويؤكدون غالباً على أن عدن ستصمدُ امام هذا الوضع الكارثي ، وطبعاً كِبَر مرتباتهم يعطيهم هذا القدر من التفاؤل ولاشك ، لكن مَن للبسطاء والبؤساء المعدمين ، وهم الغالبية العظمى من شعب الجنوب ؟! من ؟!
6
اليوم ، تطبقُ على نفسي حالة من الغليان والغضب مما يجري ، وهذا بسبب عدم خروج ( كل) هؤلاء البسطاء لإجتثاث هذا الوضع الكارثي ، وهو يتفاقم يوما بعد يوم ، ولاأمل يُرجى في تحسُن الأمور في الأمدِ المنظور .. ولايقول احدا أني متشائم جداً ، فالوضع القائم هو هكذا وسيستمر بوجود وجوه سلطة الفشل والفساد هذه ، كما وأتوقع أن الآتي سيكون إكثر سواداً وحِلكةَ ، ولاتتفاءلوا ب.. وب.. وبعدن ، وأن الإخيرة لديها القدرة على إمتصاص وتحويل هذه الوضعية الكارثية الى الأحسن أبداً .. كلا ، كلا ياإخوتي ..
7
شخصياً .. أشعرُ أن الضرورة تقتضي توافر طليعة تدير فعل الشعب الجنوبي وغضبهِ على الأرض وتوجهه وتتبنّى طروحاتهِ ومعاناتهِ ، ولن أومئُ الى أحدٍ بعينهِ هنا ، أنا أتحدث عن طليعةٍ بإمكانها الإقدام والخروج بهذا الشعب من هذا المأزق الكارثي الذي يعيشه اللحظة ، حتى لو وصل الأمر الى تطويق معقل سلطة الفساد ( المعاشيق) وإجتثاثها منه إجتثاثاً ، وهذا آخر الحلول ، حتى يُوضَعُ الجميع أمام الأمر الواقع ، إذ أمام خواء البطون لم يعد في الإمكان أكثر مما كان .. كما وثمة كوارث أخرى تنتظرنا ، وهي أكثرُ هولاً ووقعاً من هذا الغلاء الفاحش والعبث ، وشواهدها ظاهرة جلية لاتخطئها عين ، والفطين بالإشارة يفهمُ ..
ألا هل بلّغت .. اللهم فأشهد .