رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



كتابات وآراء


الجمعة - 24 أغسطس 2018 - الساعة 11:00 ص

كُتب بواسطة : احمد عمر بن فريد - ارشيف الكاتب



تعتبر " القومية الكردية " من أكثر القوميات في الشرق الأوسط التي تعرضت للاضطهاد والتجريف من قبل قوميات أخرى مجاورة لها جغرافيا ومتداخلة معها ثقافيا ودينيا , وربما أنه من سؤ طالع الأكراد أن الجغرافيا كانت واحدا من أهم العوامل التي لعبت دورا هاما في ترسيخ هذا الاضطهاد وتأصيله , نظرا لوقوعهم مابين ثلاث قوميات كبيرة وهي القومية الفارسية والتركية والعربية !

تقاسمت القومية العربية الأكراد من الجنوب ومن الغرب من خلال العراق وسوريا , في حين تقاسمتهم تركيا وايران من الشمال والشرق . ومن هنا تبدو " المسألة الكردية " واحدة من اصعب القضايا واكثرها تعقيدا , على اعتبار ان مصالح اربعة دول مجتمعة تتحقق في بقاء هذه القومية الكردية تحت " الوصاية الرباعاية " ان جاز التعبير الى الأبد .

الى حد كبير اتعاطف شخصيا مع هذا الشعب الأصيل والصبور في آن واحد , فعلى مدى عقود طويلة من الزمن لم يستمع أحد منا الى صوت المعاناة الكردية , ولم يعرها " العروبي " منا أي اهتمام يذكر , وهو بطبيعة الحال ينطلق في ذلك الصمم من قيم ومبادىء القومية العربية التي تسرخت في ذهنيته , والتي نسي اصحابها ومؤسسيها انها يمكن ان تستمد قوتها من الاتكاء على مبدأ العدالة مع القوميات الأخرى وليس بالاستقواء عليها او سحقها ومحو تاريخها وثقافتها !

قبل ايام قليلة التقيت مع سياسي كردي كبير في برلين , ودارت بيننا نقاشات كثيرة حول المسألة الكردية وقضية الجنوب , وسألته عما حدث مؤخرا عقب عملية الاستفتاء التي اجريت في اقليم كردستان بشأن الاستقلال , ولماذا أتت بنتائج عكسية ؟ ولماذا حدث كل ذلك الانكسار المحزن في اوساط الشعب الكردي فيما كانت تلتهب كبراكين ثائرة قبل تلك العملية ؟

تنفس صديقي الصعداء .. بعمق كبير ينم عن حمل وعبء ثقيل ربما يكون قد ترتب على تساؤلاتي التي طرحتها عليه , وكأنما وهي قد لامست " الوجع " .. المكتوم في جوفه ! قال لي : انها " الخيانة " ..!! .. نعم نحن السبب ! كنا نعلم ان كثير من الأطراف تقاتل ضد حريتنا واستقلالنا , وكا نعلم مدى امكانيات هذه الأطراف وقدراتها الكبيرة , ولكنها لم تكن لتحقق اي انتصار على حسابنا الا من خلالنا نحن الاكراد .. لقد تم اختراق صفوفنا , وتمكنوا من كسر وحدتنا الوطنية بشكل مؤثر وكبير ! للاسف ..هناك " طرف كردي " محدد ساهم في ذلك !!

ذكر لي صديقي الكردي تفاصيل ما حدث , وهي تفاصيل " مخيفة " فعلا .. ومؤلمة .. شعرت بوجعها ينفذ الى قلبي , ليس لأنها كذلك , وانما لأنها ايضا " مشابهة " لما يحدث في الجنوب اليوم , وما يخطط له اكثر من طرف كي ينتج واقعا كارثيا سنبكيه طويلا لا سمح الله ان تمكن منا واثر على مسار قضيتنا ! لن اذكر تفاصيل ما اخبرني به .. لأنه اشار باصبعه الى طرف معين , على الرغم من أنه هو شخصيا قريب من هذا الطرف ... بل محسوب عليه !

قال لي : عبر تاريخ نضالنا كان " الجحش " هو اداة ووسيلة اختراقنا ! .. قلت له ماذا تعني بالجحش ؟! هل تقصد صغير الحمار ؟! .. تبسم وقال : لا .. كلمة " الجحش " لدينا في السياق السياسي الكردي لها مفهوم آخر .. انها تعني " العميل " .. أو " الخائن " .

ومضى يقول , لقد وظف صدام حسين من قبل الاف " الجحوش " الذي كانوا يوشون بتحركات المناضلين ومواقعهم ومخططاتهم , ولازالت هذه الطريقة تستخدم حتى اليوم وان بدرجة اقل بكثير عما سبق , واردف قائلا .. هل تعلم ان هؤلاء " الجحوش " معروفين لنا الآن .. اسمائهم , وتاريخهم ايضا .. ومع سقوط نظام صدام حسين واجه المجتمع الكردي مشكلة كبيرة مع هؤلاء فيما يخص كيفية تقبلهم مرة أخرى , واندماجهم في المجتمع الكردي والتسامح معهم , الى درجة انه حينما يتقدم شاب ما لخطبة فتاة , فان واحدا من أهم العوامل التي يمكن ان تعيق اتمام الزواج هو القول أن والده كان " جحشا " !!

حينها .. تساءلت بيني وبين نفسي .. ياترى كم لدينا " جحش " بالمعنى الكردي بين صفوفنا ؟ ولماذا اختار هؤلاء ان يكونوا كذلك ؟ وهل يعلمون حقيقة ما تنتجه " جحوشيتهم " على مصير شعب الجنوب الذي سكب الدم غزيرا من اجل حريته واستقلاله ؟!!