رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



اخبار وتقارير

الثلاثاء - 15 يناير 2019 - الساعة 12:50 ص بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / خاص

  • صيدلانيون: نلجأ للدواء المهرب لإنقاذ حياة المريض لأن الرسمي منعدم تمامًا 

  • 75% هي نسبة استحواذ الدواء المهرب في الأسواق 

  •  أطباء: أصبحت مهنة الطب تجارة تمارس على المريض الذي أضحى سلعة للكسب 

  • بالرغم من اتساع رقعة المستشفيات الخاصة إلا أنها لا تسهم في الارتقاء بالقطاع الصحي الذي يعاني من الإهمال المزمن
 
تنعدم الكثير من العقاقير الطبية في العاصمة عدن، خاصة تلك التي ترتبط بها حياة الآلاف ممن يعانون الأمراض المزمنة، وقد تظهر بعض العقاقير الطبية البديلة، لكنها غير رسمية، وعادة ما تكون مجهولة المصدر.. (4مايو) تستعرض هذه المعضلة في التقرير التالي..
 

أدوية مهربة
هذه الأدوية التي يُطلق عليها بأنها مُهربة، باتت تحتل مساحات كبيرة في رفوف الصيدليات بالعاصمة عدن، وغيرها من المدن جنوبا وشمالا في ظل انعدام الرقابة.. وبكل صراحة يباشرك الصيدلاني، عندما تعطيه وصفة العلاج، قائلاً: “هذا العلاج معدوم، ولدينا ابن عمه أو ابن خاله (المُهرب)، وله نفس المفعول، ويؤدي الغرض”.
ويضيف: “نحن لا نريد أن نبيع الدواء المُهرب، لكن الدواء الرسمي والمعروف مصدره منعدم تماماً، لذا نلجأ للمُهرب من باب إنقاذ حياة المرضى”.

أدوية تالفة 
لا يستبعد الصيدلاني - الذي فضّل عدم ذكر اسمه - أن بعضاً من الأدوية المُهربة - قد تكون تالفة بسبب سوء التخزين، كونها تُنقل بطرق غير رسمية، من خلال شحنها مع بضائع أخرى، وعادة ما يتم إدخالها إلى البلد من منافذ غير رسمية، ويستغرق ذلك وقتاً أطول من الدخول عبر المنافذ الرسمية، الأمر الذي يعرضها لأشعة الشمس، وغيرها من العوامل التي تقلل من جودتها وعمرها الافتراضي، لكن الضرورة ، قد تدفع الطبيب والصيدلاني وكذا المريض إلى التعاطي مع هذا الدواء غير الرسمي، وإن كانت فيه خطورة على حياته.

تغييب للدواء السليم 
من جانبه، يقول الدكتور الصيدلاني أحمد محسن ناجي: “باتت عملية تهريب الدواء تجارة رائجة لها تجارها الذين يملكون نفوذاً كبيراً يمكنهم من الاستحواذ على السوق، وتقليص نفوذ الدواء الرسمي والقانوني، وفي أغلب الأحيان نشعر بأن هناك تغييباً للدواء السليم لصالح الدواء المُهرب، وفي هذه الحالة تكون حياة الآلاف، إن لم يكن الملايين، في خطر، خاصة الذين يستخدمون أدوية مدى الحياة، ويكون الدواء غير الرسمي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياتهم، رغم خطورته”.

فحص السلامة 
ففي ظل ازدهار تجارة الدواء غير الرسمي (المُهَرّب)، يقترح الصيدلاني أحمد على السلطات المعنية، إخضاع هذا الدواء لفحص سلامته، ومنحه صفة الدخول الرسمي إلى البلد، بعد التأكد من سلامة استخدامه، بدلاً من الطرق التي يتم التعامل بها حالياً، حيث يدخل الدواء المُهرب ويُباع أمام مرأى ومسمع الجميع، وله نفوذه، دون أن يخضع للتأكد من سلامته للمستخدم، وإذا لم يكن هناك نفوذ لتُجار هذا الدواء، فمن المستحيل أن نجده بارزاً على رفوف الصيدليات.

حجم الدواء المُهرب
وكانت منظمات غير حكومية ؛ وصفت سوق الدواء في اليمن جنوبا وشمالا ، بأنها خاضعة للدواء المهرب، والذي قدرت حجمه خلال الفترة (2012م –2014م)، بـ(60%) من حجم سوق الدواء، إلا أن السنوات الأربع الأخيرة زادت فيها عملية تهريبه، وفقاً لمصدر في نقابة الصيادلة ، متوقعاً أن يكون حجم الدواء المهرب في الأسواق ، قد استحوذ على ثلاثة أرباع السوق كأقل تقدير، أي ما نسبته (75%) من حجم سوق الدواء في اليمن، حيث يُشكل ذلك خطراً كبيراً يهدد حياة المواطنين.

معاناة المرضى
في منطقة المنصورة وعلى جانبي مسجد ومقبرة الرحمن بالعاصمة عدن، تتمركز شركات ووكالات الدواء، ومنذ أن بدأ سعر صرف الدولار بالهبوط في (أكتوبر 2018م)، أوقفت هذه الشركات عملية البيع للصيدليات، وأبرزت على الواجهات الزجاجية لمحلاتها عبارة اعتذار تقول فيها “نعتذر عن البيع إلى حين نحصل على التعويض من الشركات”، في إشارة منها إلى الحصول من الشركات الأم على تعويضات فارق سعر صرف الدولار أمام الريال اليمني الذي تراجع من عتبة (800 ريال) للدولار الواحد إلى حوالي (450 ريالاً)، واستمر ذلك التوقف لمدة شهر تقريباً، ليتم بعد ذلك معاودة البيع إلى السوق.

أزمة دوائية 
تسبب هذا التوقف عن البيع في نهاية العام (2018م)، والذي استمر لأشهر، في إحداث أزمة بالدواء لدى الصيدليات، وبات الآلاف من المرضى لا يجدونه، خاصة من يعانون من الأمراض المزمنة، والذين باتت حياتهم مهددة بالتوقف المقرون بتوقف بيعه.
وفي ذلك يقول الصيدلاني وليد البتول: "يواجه العديد من المرضى تحديات غياب الدواء من الصيدليات، خاصة أولئك الذين يستخدمونه بصورة دائمة، ونواجه نحن أيضاً مسؤولية توفيره، لكن الأمر ليس بأيدينا، فالمستوردون هم المسئول الأول، وكذلك الجهات الرسمية التي لا تكترث لما يحدث، فالواقع أن أزمة الضمير أشد من أزمة الدواء، وبالرغم من معاودة البيع للصيدليات، إلا أننا نتوقع أن تقوم الشركات المستوردة للدواء بإيقاف تزويدنا بالعقاقير الطبية، فهي عادة ما تُمارس نفس الأسلوب بصورة متكررة في ظل غياب الرقابة".

رقابة غائبة
ينافس الضمير الإنساني، أزمة الدواء التي يعيشها بلد يُعاني من انتشار الأمراض، والأوبئة المختلفة.
ويقول أحد الأطباء بالعاصمة عدن (فضّل عدم ذكر اسمه): “لا توجد رقابة من قبل السلطة المعنية، كما أنه لا توجد الرقابة التي تُعرف برقابة الضمير، فأصبح الدواء تجارة، ومهنة الطب تجارة أيضاً، والكثير من الأطباء يتعاملون مع المريض بأنه سلعة يتم الكسب من ورائها”.
ويضيف: "الواقع الصحي في البلاد ؛ يُعاني من الإهمال المزمن، ويُعد القطاع الصحي هشاً للغاية، بالرغم من اتساع المستشفيات الخاصة، إلا أنها أيضاً لا تسهم في الارتقاء بالقطاع الصحي في اليمن، فهي كغيرها تتعامل مع هذه المهنة بأنها تجارة، لذا عندما نتحدث عن اتساع تجارة الدواء المُهرب، لا يبدو غريباً، لأن الكثير ممن يمتلكون القرار يقفون وراء هذه المعضلة، ويتعاملون مع حياة الناس بأنها رخيصة أمام الحصول على حفنة من المال، وما يتطلبه الأمر وجود دولة حقيقية تضع الإنسان على رأس اهتماماتها، وتتعامل معه بأنه أهم ثروة، وحينها سنرى النهوض والتطور لهذا البلد الذي يغرق في الفساد والجهل والمرض”.