4 مايو / تقرير/ علاء عادل حنش
الحراك السياسي الذي قام، ويقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي خلال الفترة المنصرمة على المستوى الدولي من خلال زيارته إلى أهم عاصمتين على المستوى العالمي (لندن، وموسكو)، وتعقبهما زيارة مرتقبة إلى العاصمة الفيدرالية لأمريكا "واشنطن"، يعتبر حراكًا سياسيًا محنكًا لا سيما في المرحلة الراهنة.
زيارة وفد رفيع من المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزُبيدي إلى العاصمة الروسية موسكو، والالتقاء بنائب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ومن ثم الالتقاء بمجلس الدوما الروسي، وتلاها اللقاء برئيس وقيادة المجلس الإسلامي الروسي الذي يمثل 28 مليون مسلم في روسيا، خطوات جبارة على طريق تعزيز العلاقات الجنوبية الروسية.
تأكيد رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي، خلال اللقاء الذي أجرته معه قناة "روسيا اليوم" الجمعة الفائتة، على أن الروس متفهمون أنهُ بدون إشراك الجنوبيين في أي مفاوضات ومشاورات سيحول دون إحلال وتحقيق السلام في البلاد، أمر في غاية الأهمية، ويجب أن يضع السياسيون والمحللون خطوطًا حمراء تحت هذه العبارة، فمعنى تفهم الروس لقضية شعب الجنوب إعطاء دفعة قوية للقضية الجنوبية على المستوى العالمي، وفي المقابل تدعون إلى ضرورة تعزيز العلاقات الجنوبية الروسية.
قول الزُبيدي استند إلى معرفة الروس للثقافة الجنوبية، وتأسيس الروس لدولة الجنوب، التي كانت آنذاك من أقوى الدول في الشرق الأوسط منذ السبعينيات وإلى تسعينيات القرن الماضي.
مبادرة الروس بإعلان إعادة فتح القنصلية الروسية في العاصمة الجنوبية عدن خلال زيارة السفير الروسي مطلع الأسبوع الجاري يجب أن تُقابل بترحيب شعبي جنوبي واسع، إلى جانب ضرورة المبادرة الجنوبية في إقامة أي فعاليات أو ندوات أو جلسات في موسكو أو عدن بالشراكة مع روسيا.
إشارة الزُبيدي، خلال بيانه الصحفي الذي أصدره لدى اختتام الزيارة الأحد الماضي، إلى أنهم كانوا في موسكو متفقين على أهمية معالجة القضية الجنوبية لنجاح العملية السياسية في اليمن واستقرار المنطقة، تأكيد صريح على أن قضية الشعب الجنوبي أصبحت محورًا رئيسيًا في استقرار اليمن، والشرق الأوسط برمته، والشواهد على ذلك عديدة، فمنذ أن شهد الجنوب اضطرابات لم ينعم الشرق الأوسط بأدنى استقرار، وما ثورات الربيع العربي، التي اندلعت بعد اندلاع ثورة الحراك الجنوبي في 7/7/2007م، إلا خير دليل على ذلك.
وقول الزُبيدي إن "أحد أهم القضايا في مناقشاتنا هو خطة المجلس الانتقالي الجنوبي للمحافظات التي تشكّل جنوب اليمن، وأن الوضع الراهن لم يعد من الممكن تطبيق أفكار وسياسات ما قبل 2015م عليه، لقد قدمنا تصورنا ورؤانا حول دورنا في مختلف القطاعات، بدءاً بوصول المساعدات الإنسانية، ومكافحة الإرهاب، وترتيبات الأمن والحوكمة"، إشارة قوية إلى دور الانتقالي الجنوبي في المحافظات الجنوبية، وإلى الإنجازات التي تحققت على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية منذ إعلان "عدن التاريخي" الذي تمخض عنه إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 مايو/ ايار 2017م.
نتائج ودلالات زيارة موسكو
إبلاغ رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي المسؤولين الروس خلال زيارته إلى العاصمة الروسية "موسكو" الأسبوع الماضي برؤية الانتقالي الجنوبي لحل الأزمة اليمنية، وإحلال السلام، ووقف الحرب، وما تعانيه البلاد من أزمة وكارثة إنسانية كبيرة، خطوة في الاتجاه الصحيح؛ حيث تعتبر تلك الخطوة بمثابة إرسال إشارات واضحة للروس بأن الانتقالي الجنوبي يعمل وفقًا لأسس منهجية وعلمية وعملية، وليس ظهوره وتواجده محض صدفة.
وقول الزُبيدي أن المجلس الانتقالي الجنوبي "يقود بالفعل الكثير من العمل على الأرض، ونحن على استعداد لأن نكون شريكًا مع المجتمع الدولي لدعم إنجاح عملية سياسية عادلة ومعقولة من شأنها أن تعيد الاستقرار إلى المنطقة وتقضي على التهديدات والمخاطر الموجودة"، لهُ دلالاته السياسية العميقة، ومعنى ذلك أن المجلس الانتقالي تجاوز حكومة الشرعية في كثير من المجالات، وأصبح مهيئًا لإدارة المحافظات الجنوبية.
وهذا الكلام يؤكده رئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي أحمد سعيد بن بريك، الذي قال إن الانتقالي الجنوبي يمتلك مشروعًا يفضي إلى وقف الحرب والتواصل إلى سلام دائم في اليمن.
وأضاف، في تغريدة على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "اليوم بات المجلس لديه مشروع واضح لحل المعضلة يقضي بوقف الحرب والجنوح إلى سلام دائم بين شعب الجنوب وشعب الشمال بفك الارتباط والعودة لما قبل العام 1990م".
وتابع: "المجلس الانتقالي كسب بذلك ثقة دول الإقليم والدول العربية والعالم من خلال مصداقية أطروحاته على طاولات التباحث مع جميع دول العالم".
وأشار إلى أن مشروع الانتقالي يأتي لرفع المعاناة الإنسانية عن شعب الشمال وشعب الجنوب، مختتمًا بالقول: "كفى بكاءً وعواءً ونباحًا يا أعداء الشعبين من فنادقكم في الخارج".
استغلال زيارة واشنطن وباريس
الزيارة المرتقبة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى العاصمة الأمريكية "واشنطن" تعتبر مهمة للغاية لما تمثله أمريكا من ثقلٍ على المستوى الدولي.
على الانتقالي الجنوبي استغلال هذه الزيارة، وتوظيفها بالشكل الأفضل دوليًا، وإيصال رسائل سياسية قوية لكافة الأطراف المعادية للقضية الجنوبية.
إن زيارة الانتقالي الجنوبي لعاصمة كـ"واشنطن" لهُ اعتباراته السياسية لدى دول الإقليم، ولذا فالترتيب والتنظيم لها مسبقًا مهم للغاية لإنجاحها وإظهارها بالمظهر اللائق، إلى جانب العمل ببروتكولات كل دولة على حدة.
بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، فإن عمل جدول يتضمن فعاليات وندوات للتعريف بالقضية الجنوبية خطوة هامة لتعريف الأمريكان والشعب الأمريكي بالقضية الجنوبية.
كما ان زيارة العاصمة الفرنسية "باريس" لها أهمية السياسية الكبيرة.
حلم الجنوب اقترب
أصبح حلم الجنوبيين المتمثل باستعادة دولتهم كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو / ايار 1990م، أقرب من أي وقت مضى.
الخطوات التي يقوم، وقام بها المجلس الانتقالي الجنوبي تؤسس لرسم خارطة الجنوب الجديد، الذي يتسع لكل أبنائه من العاصمة الجنوبية عدن إلى حضرموت، ومن المهرة إلى باب المندب.
يجب على كافة الجنوبيين، بكل أطيافه ومكوناته وتشكيلاته محاولة تناسي الماضي السحيق وصنع حاضر مجيد من خلال تفهم حساسية المرحلة، وإدراك أنه بدون تأييد دولي لن تأتي الدولة الجنوبية المنشودة على حدود ما قبل 21 مايو / أيار 1990م، وبدون تكاتف جميع الجنوبيين ستتصعب، نوعًا ما، تحقيق حلم الجنوبيين.