ما يحدث في شركة الاتصالات "عدن نت" في العاصمة عدن من استغلال بحق المواطن أمر يجلب الاستغراب والاشمئزاز، ففي حين تطلب الشركة مبالغ طائلة من المستهلكين لتوفير مودمات "عدن نت"، فإنها، رغم أسعارها الخيالية، لا توفرها بسهولة وتقابل المواطن بالحجج الواهية، ويضطرُ المواطن لشرائها من السوق السوداء بأسعار تفوق أسعارها المعروضة، حيث وصلت أسعار مودمات "عدن نت" في سوق السوداء إلى أكثر من 120 ألف ريال، في حين تعرضها الشركة للمواطنين بأسعار لا تتجاوز الـ 53 ألف ريال، وهذا السعر يعتبر مرتفع نظرًا للأوضاع المتدهورة التي يعيشها المواطن في عدن وبقية المحافظات الجنوبية.
إن استمرار هذا الأمر بهذه الطريقة جعل رائحة الفساد تفوح ومنذ بداية تأسيس "عدن نت" ودخولها السوق، والأمر المثير أنها لا تتبع إداريا وماليا مؤسسة الاتصالات الحكومية؛ بل إنها سلطة ذات سيادة لحالها، وهذا الأمر قائم تحت مظلة الحكومة الشرعية التي أصبحت تتخبط في بحر من الفساد، وأصبح معالجة هموم المواطن في هذا الجانب أمر لا يهمها ما دامت تجني ثمار فسادها من هذه الشركة.
لقد أصبح المواطنون يعانون حاليا مشاكل كبيرة في الاتصالات وشبكات النت، وصار توفرها حلمًا يراوده، ومع دخول "عدن نت" استبشرنا بزوال محنة ومعوقات الاتصالات والإنترنت بقدوم شبكة ومودمات شركة عدن إلا أن المشكلة لم تنتهي، وقام هوامير الفساد بالتهام مشروع "عدن نت" وحرمان المواطن من خدماتها.
تردّي شبكة الإنترنت
وتعاني محافظة عدن من ضعف عام في شبكة الإنترنت، أرجع أسبابها مدير عام �المؤسسة العامة للاتصالات� في عدن عبدالباسط الفقيه إلى عدم تقديم أي إصلاحات أو مشاريع لتوسعة الشبكة منذ نهاية الحرب، وأن ما هو متاح حالياً مجرد ترقيع وحلول مؤقتة.
الفقيه والذي كان يدلي بتصريح صحافي أشار إلى "حاجة اتصالات عدن لأربعة آلاف مقسّم على الأقل"، موضحاً أن "خدمة الإنترنت تحتاج إلى خط نقي صافي وقريب من السنترال ولا يبعد عنه أكثر من ثلاثة كيلومترات، بينما الخطوط الحالية تبعد عن السنترالات حوالي سبعة كيلومترات، الأمر الذي جعل الخدمة سيئة برغم كلفة التعرفة التي تتحكم فيها صنعاء".
شكاوى
وتزايدت شكاوى المواطنين من �المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية� في محافظة عدن، بسبب العديد من التعسفات التي يواجهونها خلال التقديم للمطالبة بنقاط الإنترنت.
وبخصوص ذلك، قال نائب مدير خدمات "سنترال المنصورة" خالد عبدالله عبدالرحيم: "من شهر مارس 2015م، لم نستلم أي نقاط إنترنت، لذلك لا يوجد أي نقاط لدينا، ولكن هناك نظام لحل تلك المشكلة يتمثل في أن المشترك الذي لديه نقطة اشتراك إنترنت وانتهت مدة الدفع خلال 100 يوم، في حال لم يدفع قيمة التسديد نقوم بإسقاط النقطة وسحبها وإعطائها للمواطن المسجل من قبل، وذلك كلٌ بحسب رقمه التسلسلي لدينا".
مشاكل عدة
ومن أهم المشاكل التي تواجه شبكة الاتصالات والإنترنت تتمثل بانقطاع التيار الكهربائي، الذي أثّر على عملية استخدام الاتصالات بشكل مستمر، وانعدام الوقود الذي يعتبر المحرّك لخدمة الشركة وبقائها واستمرار التغطية طوال اليوم.
وقال مواطنون إن المحسوبية والوساطات من بعض الموظفين في الاتصالات منحت بعض التجار والمسؤولين أجهزة ومودمات (بالجملة)، ليتم بيعها لاحقاً خارج السنترال، وبأسعار مضاعفة للغاية، تصل ما بين 80 – 100 ألف ريال.
يأتي ذلك في ظل معلومات كشفها موظفو مؤسسة الاتصالات بعدن عن وقوف جهات نافذة تعمل على ابتزاز المواطنين.
وأكد الموظفون، خلال احتجاجاتهم ضد قيادة وزارة الاتصالات، أن العمل في شركة عدن نت يسير بطريقةٍ عشوائية، وأنه ليس له علاقة بالفنيين والمهندسين والعمال المهنيين.
الموظفون اتهموا قيادات في الوزارة بالفساد، وأشاروا إلى أن إيرادات الشركة تذهب إلى حسابات شخصية، منهم قيادات على رأس الوزارة.
الأمر الذي دفع بمدير مؤسسة الاتصالات بعد إلى إصدار توجيهاته بتقديم التقارير المالية والإدارية للشركة، خلال فترة عملها القصير، وفق مصادر إعلامية.
وقال الفقيه: "إن الهدف من الحصول على التقارير هو من أجل متابعة وتقييم عمل الشركة والعمل على تحسينها وتطوير الخدمة، بعد المشاكل العديدة التي طرأت عليها، والشكاوى المتكررة من المواطنين".
وكان الفقيه في تصريحاتٍ عقب تدشين خدمات عدن نت، العام المنصرم، إنه سيتم فتح منافذ بيع لمعدات وأجهزة الشركة في مختلف مديريات محافظة عدن، بالإضافة إلى وعوده بإطلاق خدمة نوعية.
غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وعانت الخدمات من الكثير من المشاكل، كان آخرها احتجاجات الموظفين.
ودشنت شركة عدن نت لخدمة الإنترنت بتقنية 4G عملياً بعد شهرين من تدشينها رسمياً العام الماضي من قبل الرئيس هادي.
وقال وزير الاتصالات لطفي باشريف في تصريحات صحفية عقب تدشين "عدن نت" إن شركة عدن نت للاتصالات ستكون متاحة للمواطنين خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، وبأسعار وسعات منافسة جداً وخيارات واسعة وسهلة للمستخدم".
وأضاف "إن أهمية إنشاء شركة عدن نت في مثل هذه الظروف الاستثنائية لتكون متاحة لكل المواطنين ومواكبة للتقنيات الجديدة".
وأشار باشريف "ًأن هذه الشركة تعتبر منجزا مهما للمؤسسة العامة للاتصالات تم إنجازه بفريق يمني خالص 100% وتجهيزه بأحدث التقنيات العالمية، ويجب الحفاظ عليه ودعمه".
وتعتبر تصريحات الوزير باشريف متناقضة مع الوضع القائم اليوم في "شركة عدن نت"، بعد أن أصبحت الشركة مشروع حكومي يخدم مافيا الفساد ويحرم المواطن من خدماتها.
وكلام الوزير عاري من الصحة؛ بل هو مجرد زوبعة إعلامية لا ينفع المواطنين.
ويبدو أن مودمات شركة �عدن نت� دخلت السوق السوداء منذ البداية لتنافس المشتقات النفطية غير المتوفرة، وبمساعدة أشخاص يعملون في السنترال، حيث تباع المودمات والشرائح في السوق السوداء بأكثر من 100 ألف ريال يمني، وفي السنترال بـ 53 ألف.
وحصرت الشركة عملية البيع في منفذ واحد فقط، وبكمية محدودة يومياً، لا تتجاوز 100 مودم، برغم امتلاك الاتصالات فروع ومراكز في كافة مديريات محافظة عدن، وهو ما اضطر المواطنين عدة أيام للحضور فجراً وتقييد أسمائهم في كشوفات الشركة.
خطوة حكومة �الشرعية� سرعان ما اصطدمت بحالة �الأمر الواقع� المستشرية في معظم مناطق سيطرتها، والتي يُعد �الفساد� أبرز وجوهها، فإلى جانب �الشح� في تزويد المواطنين بالأجهزة التي تمكنهم من الاستفادة من خدمات �عدن نت�، والاستنسابية التي ولَّدت سبباً جديداً لتخييب الآمال، كان للسوق السوداء نصيبها، فاحتكر التجار خدمة الانترنت.
وفيما يتعلق بخدمة الإنترنت الأرضي يعاني مستخدمو الإنترنت التابع لشركة الاتصالات "يمن نت" رداءة الشبكة في العاصمة عدن.
وقال مشتركون "إن الإنترنت الأرضي يسبب لهم حرجاً كبيراً أمام أعمالهم واستخدامهم بسبب البطيء الشديد والذي يعد الأسوأ منذ استخدامهم لهذه الشبكة".
وأضافوا أنه رغم امتلاكهم خطوط قوية (ذهبية) إلا أن الضعف الشديد حال دون أي معالجات تذكر.
ووصلت إلى طاولة مدير مكتب الاتصالات في عدن المهندس عبدالباسط الفقيه الكثير من الشكاوى التي تطالب في تحسين خدمة الاتصالات والإنترنت في المدينة.
كما يعاني المواطنون من عدم اهتمام مؤسسة الاتصالات بالعاصمة عدن بمشاكل انقطاع شبكات النت، والتي يقابلها الموظفون والطاقم الفني بالاتصالات بالتجاهل وعدم القيام بواجبهم الوظيفي تجاه تحسين وإصلاح خدمات الاتصالات وشبكة الإنترنت بشكل عام.
هذه الأمور خلفت موجة من السخط في أوساط المشتركين من الوضع القائم في مؤسسة الاتصالات المتمثلة بالتسيب وإهمال إيصال خدمات النت إلى كل المشتركين، رغم إن المؤسسة تجني أموالا طائلة من عوائد فاتورة الاتصالات والإنترنت.