اخبار وتقارير

السبت - 13 أبريل 2019 - الساعة 06:10 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / تقرير/ علاء عادل حنش


ما الفرق بين برلمان الشرعية وبرلمان الجنوب؟

تنص المادة الخامسة من القانون اليمني الصادر لعام 2006م بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن "مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء، ولا يجوز للمجلس عقد اجتماعاته خارج العاصمة إلا لظروف قاهرة يستحيل معها انعقاد المجلس داخل العاصمة بناءً على دعوة من رئيس الجمهورية أو بناءً على اقتراح من هيئة رئاسة المجلس ويوافق على الاقتراح أغلبية أعضاء المجلس". وما نراه اليوم أن الشرعية تتجاوزه تمامًا لقوانينها، بل وتغض الطرف عنها، وتذهب بعيدًا عن العاصمة الرئيسية، المنصوصة في القانون والتي يسيطر عليها الحوثيون منذ 21 سبتمبر 2014م، ولم تستطع عقد الجلسة حتى في العاصمة التي يدعون أنها مؤقتة (عدن). إن عدم حضور كتلة الانتقالي النيابية يعتبر انعقاد مجلس نواب الشرعية باطل، وإن انعقد فإنه مخالف للقوانين.

(سيئون)، منطقة من مناطق الجنوب التي تحاول الشرعية عقد جلسة البرلمان فيها لكسب موقف سياسي ليس بالأمر العظيم؛ فالشرعية ذهبت إلى الصحراء لعقد جلسة برلمانها المنتهي ولايته، ولو أنها اختارت عاصمة محافظة حضرموت (المكلا) لكان أرحم، ولقلنا أن لها سيطرة على الأرض، بالإضافة إلى أن (سيئون)، التي تعتبر أنموذجا للتعايش والسلام، لم تدخل تحت سيطرة الجيش الجنوبي بالكامل، وما زالت قوات علي محسن الأحمر تعبث هناك، ولكنها قريبًا ستكون تحت حماية الجيش الجنوبي.

جنوب مستنفر وبرلمان متأرجح
الجنوبيون، والمجلس الانتقالي الجنوبي والجيش من مقاومة جنوبية وألوية عمالقة وأحزمة ونخب، استنفرت لوقع الجلسة، وإمكانية انعقادها في أرض جنوبية ارتوت بدماء الشهداء، وترى من الجرم أن تُعقد بهذه السهولة.

"الجنوب" اليوم أصبح مختلفًا عما كان عليه، وأصبح بمقدوره حماية أرضه، فلو أن الشرعية تمتلك قوة عسكرية، كما تدعي أبواقها، لعقدت جلسة البرلمان الخاصة بها في العاصمة الجنوبية عدن، لكن هذا لم يحدث لعلمها أن "عدن" صعبة المنال، ودخولها لم يعد سهلًا كما كان بالسابق، فلجأت إلى مدينة سيئون التي يسيطر على أجزاء واسعة منها قوات علي محسن الأحمر.

اليوم أصبحت الشرعية تتأرجح ولم يتأكد أن جلسة البرلمان ستُعقد من عدمه، بسبب خلافات كبيرة نشبت بين الأعضاء، وأن عدم انعقاد الجلسة هو بمثابة صفعة قوية للشرعية، ولربما تكون نهايتها.

الفرق بين برلمان الشرعية وبرلمان الجنوب
الجمعية الوطنية الجنوبية تعتبر هيئة تمثيلية بمثابة برلمان معّين مكّون من 303 أعضاء، يمثلّون مديريات ومحافظات الجنوب، ويترأس الجمعية عضو هيئة رئاسة المجلس ومحافظ حضرموت السابق اللواء أحمد سعيد بن بريك.

وتحمل الجمعية وظيفة السلطة التشريعية داخل كيان المجلس الانتقالي الجنوبي وتحتوي على لجان متخصصة في كل الجوانب، وتعمل وفق قوانين ودستور برلماني، وكان الانعقاد التأسيسي لها يوم السبت الموافق 23 ديسمبر 2017م.

وقبل أن تبدأ تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الخارجية على مستوى العالم، قام المجلس الانتقالي خلال العامين الماضيين بتكوين مؤسساته من الجمعية الوطنية (برلمان الجنوب) والأمانة العامة للمجالس المحلية في المحافظات والمديريات وأيضا مركز صناعة القرار، ناهيك عن تكويناته الأخرى المرتبطة بهيئة الرئاسة، وبدأ يشق طريقه من أجل العمل الدبلوماسي لتوضيح القضية الجنوبية خارجيا على مستوى الدول.

رغم اأن برلمان الجنوب حديث التأسيس إلا أنهُ عقد دورتين إحداهما في العاصمة الجنوبية عدن، والأخرى في عاصمة محافظة حضرموت "المكلا" والتي كانت في يناير الماضي، واستطاع من خلالهما إيصال رسائل قوية للداخل والخارج.

أما برلمان الشرعية فعجز طيلة السنوات الست الماضية من عقد جلسة واحدة، كون الشرعية لاهية في الاستثمار الحربي ومتخبطة بنعيمها داخل فنادق الرياض.

خوف ومحدودية واهتراء
وإذ ما انعقدت جلسة البرلمان في سيئون فإنهُ سيقودنا إلى نعت الشرعية بالخوف، والمحدودية، وسيصبح وقتها الافتراضي قد انتهى وولى.

فالمسؤولون في الشرعية دائمًا ما يدعون أنهم يسيطرون على 85 % من الأرض، في حين أنهم لا يستطيعون أن يتحركوا في مساحة 3%، حيث تبلغ مساحة مديرية سيئون حوالي (804) كيلو متر مربع، هذا إذا ما اعتبرنا أن الشرعية غير مسيطرة على كل أجزاء المديرية.

خلافات تطيح بعقد جلسة البرلمان
مصادر موثوقة الصلة أكدت أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقيادة تنظيم الإخوان رفضا الشروط التي طرحها الشيخ سلطان البركاني لانتخاب هيئة جديدة لرئاسة مجلس النواب بقيادته.

وقالت المصادر إن "من أهم الشروط أن ترفع حكومة هادي اسم السفير أحمد علي عبد الله صالح من قائمة العقوبات الدولية قبل الانعقاد، وأن يتم إشراك المؤتمر الشعبي العام في نصف الحكومة بحسب المبادرة الخليجية وأن يعاد هيكلة أجهزة الجيش والأمن وطرد كل الحزبيين من داخلها".

وأضافت: "بعد شروط البركاني انفض الاجتماع بعدما أحرجهم موقف الشيخ سلطان البركاني القوي بعدم جديتهم، بينما اتضح أن الهدف هو السعي للسيطرة على مجلس النواب وأخونته والسيطرة عليه إلى جانب الحكومة الشرعية التي صارت إخوانية بجميع أجهزتها".

برلمان الزور والكذب
أما نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الأستاذ/ هاني بن بريك فقال: "نرحب بكل قوة سعودية أو إماراتية أو لدول التحالف على أرضنا فهم شركاؤنا في محاربة المشروع الفارسي والمشروع الإرهابي الإخونجي برعاية نظام الحمدين في قطر بمشاركة إيران وأردوغان".

وأضاف بن بريك، عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "لا نرحب ببرلمان الزور والكذب، ولشراكتنا مع التحالف قواعد لا يفهمها الكثير".

مخالفة للقانون
المحلل السياسي منصور صالح يقول: "إنه إذا نظرنا للأمر من الناحية الرسمية فعقد جلسات مجلس النواب اليمني المنتهية ولايته في سيئون وليس عدن، يمثل مخالفة للائحة الداخلية للمجلس ذاته التي تنص مادتها الخامسة: بعدم جواز عقد البرلمان خارج العاصمة، إلا في حالة الظروف القاهرة، ومع ذلك فالمجلس لم يبرر عدم قدرته على عقد لقائه في عدن رغم الوعود الكثيرة بشأن ذلك وكأنه لا يريد أن يعترف أنه واجه ظروفاً وقوة قاهرة في عدن أجبرته على الفرار إلى صحاري وادي حضرموت".

وأضاف، في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي "فيسيبوك": "ودلالة فشل الشرعية في عقد برلمانها في أرض جنوبية محررة تؤكد أن الجنوب خرج عن سيطرة السلطة التي تدّعي الشرعية وأنها باتت فعلاً غير قادرة على فرض أي أمر لا يقبل به الجنوبيون".

وتابع: "وفي الجنوب نجح المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية في فرض إرادتهما فقد قالوها بوضوح: (لن يعقد البرلمان في أي أرض جنوبية محررة) وكانوا عند كلمتهم، عكس الشرعية التي عجزت عن تمرير مخططتها فلجأت إلى سيئون التي مازالت خارج السيادة الجنوبية، وتحت حماية عسكرية ضخمة".

واستطرد: "في الوقت الحالي سيئون لا تختلف عن مأرب ووجود أعضاء البرلمان المنتهية ولايته فيها لا يختلف عن وجود القاعدة، وعساكر عفاش والحوثي وعلي محسن الأحمر الذين تجمعهم المنطقة الأولى المكلفة بحماية مصالح اللصوص ودعم الإرهاب.. وفي المجمل يستحق البرلمان اليمني أن يدخل موسوعة (جينس) كأغرب برلمان، أولاً كونه الأطول في العالم، وثانياً هو برلمان معطل عن العمل منذ خمس سنوات، وثالثاً كونه عجز عن الاجتماع في العاصمة الأساسية له صنعاء والعاصمة المؤقتة التي يدّعيها عدن فلجأ للانعقاد في الصحراء!".

أما الناشط السعودي "أبو وليد الغامدي" فقد سخر من اجتماع مجلس النواب المقرر إقامته في الجنوب، ووصفه بـ"الدواب".

وقال الغامدي، عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "حتى لو عقد مجلس النواب اليمني في صحراء سيئون غير المحررة من قوات علي محسن الإرهابية، لن تهتز ثقتي في هؤلاء الرجال لمعرفتي أن السياسة مدّ وجزر وسبق وسمح الانتقالي لقوات طارق عفاش بالتدريب في عدن".

واختتم تغريدته بتساؤل ساخر: "اجتماع مجلس الدواب هل سيحرر صنعاء؟ لا وإنما لتحقيق انتصار سياسي وهمي على الانتقالي".

قلق وتخوف
من جانبهم، لم يكترث أبناء مدينة سيئون بحضرموت لخبر انعقاد مجلس نواب الشرعية، لكنهم أصيبوا بالقلق من وقع حركة قوى مسلحة توافدت على المدينة التي لم تشهد مثلها، رغم كل ما تعيشه من حوادث خطف واغتيال دائمة آخرها تفجير إرهابي بجنود الكتيبة الحضرمية الأسبوع الماضي.

استيقظ الناس على وقع وصول قوات سعودية ضخمة وأخرى محلية من المحافظات المجاورة وقوات الحماية الرئاسية إلى المدينة، مخلفة أثناء دخولها نوعًا من الرعب والقلق في الوسط المحلي، وإرهاب السكان المجاورين لسكن القوات في ثانوية باكثير للبنات وجوار المجمع الحكومي ـ مقر انعقاد الجلسة.