الأربعاء - 02 أكتوبر 2019 - الساعة 04:14 م
لم أندهش أو أستغرب أبدًا عندما قرأت ما كتبه فتحي بن لزرق، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد مساء يوم الثلاثاء 1 اكتوبر / تشرين الأول 2019م، عن مفاوضات جدة السعودية، وتحامله الذي بلغ ذروته ضد المجلس الانتقالي الجنوبي .
معذرةً، أقصد الناشط فتحي بن لزرق، فما يكتبه لا يُنشر في أي وسيلة إعلامية، ولا حتى موقع إلكتروني مرموق، ولا حتى في صحيفته التي يملكها، ويُنشر فقط في (فيسبوك)، وفي هذه الحالة يسقط لفظ (صحفي وإعلامي)، ويتحول إلى (ناشط) لا غير.. ! وتعمد ممارسة هذا الأسلوب من قبل بن لزرق هو هروبًا من أي مساءلة قانونية، فكما نعلم أن (وسائل التواصـل الاجتماعي) ليس لها أي قوانين تنظمها وتضبطها، ويعبث فيها كل شخص، ومن أي مكان، وفي أي وقت...
والفرق بين الصحفي أو الإعلامي وبين ناشط في (وسائل التواصل الاجتماعي)، أن الأول ينتبه لكل ما يكتب، ومرتبط بوقت معين للنشر، ويحاول جاهدًا الوصول إلى المعلومة الحقيقة، أما الثاني فينشر أي شيء (مهما كان كذبًا) وفي أي وقت، وهذا فرق بسيط بين الأول والثاني.. وهنا لا أستنقص إطلاقًا من نشطاء (وسائل التواصل الاجتماعي)، وإنما أوضح ما يجب توضيحه .
نعود إلى فحوى منشور بن لزرق، وكيف استطاع دغدغة مشاعر بعض المتابعين من حيث القصة الخيالية التي نشرها، والتي قال فيها: إن المجلس الانتقالي الجنوبي غير قادر على إدارة محافظات الجنوب، ونسي أن المجلس الانتقالي الجنوبي تأسس على أدبيات وقواعد وأسس قانونية وتنظيمية تمكنه من إدارة دولة الجنوب بشكل سلس .
بن لرزق ــ للأسف الشديد ــ لم ينتبه إلى أن تحصيل الإيرادات، و(تنظيم) صرف المرتبات، وإدارة عمل المؤسسات، سهلٌ للغاية في ظل القدرات والكفاءات الوطنية التي يمتلكه (الانتقالي الجنوبي)، والتي تمكنه من إدارة كل محافظات الجنوب إدارة رشيدة ونموذجية، لكن ما هو صعب، نوعًا ما، ركام عقود من النهب والطمس والإفساد، واستفحال الفساد في كل المؤسسات الجنوبية بشكل متعمد منذ إعلان الوحدة اليمنية المشؤومة في 21 مايو / إيار 1990م، وتدمير منظومة التعليم (الأساسي، والجامعي، والمهني والتقني، والبحث العلمي)، وإشاعة الخطاب الديني الذي يدعو للعنف والتطرف والتشدد والشذوذ السياسي والفكري والأخلاقي .
هذه كلها أمور تحتاج لوقت حتى يتجاوزها الجنوب، وليس كما يصوره بن لزرق أن تحصيل الإيرادات، و(تنظيم) صرف المرتبات، وإدارة عمل المؤسسات هو كل ما في الأمر، فهو بقوله هذا يطمح لتظليل متابعيه في (الفيسبوك).. رغم أن بن لزرق تحفظ في الاعتراف، في كل منشوراته، من أن كل الإيرادات تذهب لحكومة الشرعية رغم تواجدها في الخارج، ورغم الفساد الذي تمارسه، والدليل على ذلك الإجراءات الرادعة التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي ضد الفاسدين في عدن، والتي كان أهم ثمارها تسجيل إيرادات ميناء الزيت في أقل من عشرة أيّام ما يقارب (2) مليار ريال، تم توريدها إلى خزينة الدولة، مع العلم أن ميناء الزيت لم يورد من قبل ريالا واحدا خلال أكثر من (20) عاما.. فلماذا الافتراء يا بن لزرق؟!
وفيما يخص قول بن لزرق إن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يمتلك خطة لإدارة محافظات الجنوب، فذلك يعود إلى أنهُ نسيَ أن (الانتقالي الجنوبي) قدم في 15 اغسطس /آب 2019م لشعب الجنوب استراتيجية وقوانين أولية لإدارة دولة الجنوب، مكونة من (47) فقرة.
نعم.. لا غرابة في كل ما قاله بن لزرق؛ فمن لم ينفع نفسه لن ينفع غيره...!
أما فيما يخص مفاوضات جدة السعودية، وقول بن لزرق: إن السعودية لم تستطع إقناع الشرعية بالمبادرة التي قدمتها، فلقد تغافل بن لزرق بأن السعودية عندما تقدم مبادرة فمن الصعب أن يرفضها أي طرف، ولنا في الأحداث السابقة خير عبرة ومثال .
وعن اللقاء الذي فبركه بن لزرق بين وفد الانتقالي الجنوبي وبين قيادات سعودية، فلقد تواصلت مع قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي من باب الاستفسار عن هل جرى أي لقاء (جانبي) بين وفد (الانتقالي الجنوبي) وبين أي قيادات سعودية اليوم أو أمس، فكانت الإجابة (لا، أبدًا)، والمفاوضات مع الشرعية مستمرة .
أخيرًا.. ليس غريبًا أن يكتب بن لزرق قصة خيالية، ولا يوجد أي غرابة في أن يبدأ منشوره بـ (على مسؤوليتي الشخصية)، فالمتتبع لمنشوراته سيصل بنفسه إلى حقيقة ما أقصد!.
...