الأربعاء - 28 فبراير 2024 - الساعة 02:05 م
للمرة الثالثة في غضون شهرين فقط أجدني مضطرا للكتابة عن مصلحة الهجرة والجوازات في عدن، . وينصب تركيزي هذه المرة على إجراء خاص وغريب تتبعه إدارة الهجرة والجوازات في تعاملها مع المستفيدين والمتقدمين لخدمات الجوازات لديها حيث واجهت هذه العملية المثيرة للغرابة مؤخرًا بنفسي عندما زرت إدارة الهجرة والجوازات في عدن لتجديد جواز سفري قبل ان ينتهي وتغيير مهنتي ومسماي الوظيفي في بيانات جواز السفر.
وبعد ان استكملت الإجراءات اللازمة، تم تحويل طلبي إلى رئيس المصلحة بجدة. ولدهشتي، فقد جاء الرد من جدة بعد ايام من الانتظار محملا بالرفض لتغيير مهنتي. حيث أصر رئيس المصلحة في جدة على تزويده بمؤهل أكاديمي من كلية الإعلام كشرط أساسي للموافقة على طلب تغيير مهنتي كصحفي.
ويبدو اشتراط الحصول على مؤهل أكاديمي لإثبات صحة المهنة أمرًا محيرًا وباعثا على الغرابة، خاصة في اليمن حيث يعمل الناس غالبًا في مجالات لا علاقة لها بخلفياتهم الأكاديمية ومؤهلاتهم التعليمية. فالكثير من المهنيين، مثل الكهربائيين والميكانيكيين والمدرسين والدبلوماسيين،والسياسيين والناشطين والصحفيين وغيرهم لا يمتلكون مؤهلات رسمية في مجالات عملهم. ومعظمهم يعملون بالخبرة.والمهارة وليس بالمؤهل.. إن اشتراط الشهادة الأكاديمية للموافقة على تغيير المهنة يبدو تعسفياً وبعيداً عن واقع القوى العاملة في اليمن ومخالفا للاجراءات المعمول بها في كل دول العالم.
من الناحية المثالية، يجب على مصلحة الهجرة والجوازات أن تكتفي بخطابً يوجه اليها من جهة العمل يؤكد طبيعة عمل ووظيفة مقدم الطلب اليها، بالإضافة إلى بطاقة العمل الممنوحة له منها. ما يعني ان هذه الوثائق، التي قدمتها في طلبي، كانت كافية وحدها لتغيير المهنة في سجلات جواز السفر. ومع ذلك فقد تم رفض طلبي بحجة عدم إرفاق شهادة جامعية متخصصة تتعلق بالمهنة التي اعمل فيها في ملف المعاملة.
ولا تزال العلاقة بين مؤهل متخصص وتغيير المهنة غير واضحة، مما يثير تساؤلات حول الأساس المنطقي وراء هذا الشرط الغريب الذي تفرضه مصلحة الهجرة والجوازات على المتقدمين لاثبات.مهنهم ووظائفهم. مع علمها بان المهنة لا تثبت بالمؤهل..فالمهنة شيء والمؤهل شئ آخر ولم يبق لي والحال كذلك إلا أن أفكر فيما إذا كان هذا الشرط ينطبق على الجميع أم أنه يستهدفني انا وحدي بسبب انتقاداتي السابقة للفساد المستشري داخل المصلحة. فهل هذا الإجراء سليم ومنطقي من الناحية القانونية، أم أنه فرض تعسفي يهدف إلى الإكراه والتلاعب وابتزاز الناس؟
وفي حين تعتبر رئاسة مصلحة الهجرة والجوازات أن عدم وجود شهادة جامعية متخصصة سبباً كافيا لاعادة المعاملة مرفوضة من داخل جدة بالمملكة العربية السعودية، فإنها تغض الطرف عن التجاوزات الدستورية العميقة التي ترتكبها من خلال الاستمرار في تسيير شؤونها من أرض أجنبية دون مبرر معقول يدعوها لذلك فضلا عما يؤدي اليه ذلك من التشابك البيروقراطي الذي يثقل كاهل المواطنين بتعقيدات لا داعي لها.
وفي ظل هذه الظروف لا يسع المرء إلا أن يتساءل عن مدى صحة وعدالة مثل هذا الشرط الذي فرضته مصلحة الهجرة والجوازات. يبدو أن الإصرار على الحصول على مؤهل أكاديمي لتغيير المهنة يمثل عقبة غير ضرورية وغير متجانسة مع طبيعة الطلب، ويفتقر إلى التطبيق العملي والارتباط بالواقع الحقيقي. ويجب على مصلحة الجوازات ان تتخلى عن هذا الشرط لتبسيط المعاملات امام المواطنين باجراءات قانونية ومنطقية تستوعب الواقع..