كتابات وآراء


الخميس - 31 أكتوبر 2024 - الساعة 09:14 م

كُتب بواسطة : حاتم العمري - ارشيف الكاتب



تعودنا في المنعطفات السياسية رحيل المناضلين بهدوء تاركين أثر طيب لكل من عرفهم، والفقيد المناضل العقيد محمد احمد جرهوم "ابو مجاهد" الذي غادر دنيانا الفانية إلى دار القرار، شخصية استثنائية ومناضل صلب، يمتلك في شخصه كل القيم والمبادىء النضالية التواقة للحرية والاستقلال التام، والعيش بكرامة، مجسدا ذلك في أكثر من محطة زمنية من محطات حياته النضالية المختلفة، وقد عرف بالشجاعة والاقدام والإيمان بالقضية الجنوبية، وتشهد له ساحات النضال السلمي، حيث كان من اوائل المناضلين الذين كان لهم شرف السبق والمشاركة الفعالة في كل مظاهرات وفعاليات الحراك الجنوبي، المناهضة لنظام الاحتلال اليمني الزيدي المتخلف لأرض الجنوب، إضافة لكونه من الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في الحراك السلمي الجنوبي، بيافع سرار في تلك الفترة.

يمتلك الفقيد المناضل محمد جرهوم "ابو مجاهد" رصيدا نضاليا مشرفا، فقد ظل حتى الرمق الاخير من حياته وفيا ومخلصا للجنوب ولقيادته السياسية والعسكرية، متمسكا بكل الثوابت النضالية والوطنية الجنوبية.

لقد جمعني بالفقيد المناضل ابو مجاهد أكثر من ساحة وفعالية ومهرجان شهدتها مديريات يافع، والجنوب، منذ الارهاصات الاولى لانطلاق شرارة الحراك السلمي الجنوبي مطلع العام2007م، وكان أحد المناضلين الأوفياء لقيم ومبادىء الثورة الجنوبية، وحمل بداخله سجايا الشرفاء الاحرار المخلصين لقضيتهم العادلة الرافضين لكل أشكال الظلم والعبودية، وظل يتمتع بعلاقات طيبة وحميمة مع الجميع، إضافة إلى ارتباطه بعلاقات مع عدد من قيادات ورموز الثورة الجنوبية، منهم الشهيد المناضل البطل العميد محمد صالح طماح الذي استشهد في الهجوم الإرهابي الغادر والجبان على قاعدة العند، وكان شهما كريما حتى أنه كان رحمه الله يستقبل كبار الضيوف من قادة ورموز الحراك الجنوبي، في بيته المتواضع عقب كل مهرجان وفعالية تشهدها المديرية، في أوج زخم ثورة الجنوب السلمية آنذاك، ويستضيفهم بكرم حاتمي، هو ونجله المناضل "مجاهد" الذي تشرب قيم النضال ورضع حليب التطلع إلى الحرية منذ صغره.

للفقيد ابو مجاهد العديد من الأدوار النضالية والمواقف البطولية في ميادين الشرف والفداء وكان من الذين خرجوا في زمن الخوف وقمع الاصوات والمعتقلات، في عهد نظام الهالك عفاش، حيث التحق بصفوف المقاومة الجنوبية وشارك مع رفاق السلاح وحمران العيون من أبناء مديرية سرار الاحرار، في معركة تحرير معسكر القطاع الغربي"بردفان" والذي كانت تتواجد فيه قوات العدو اليمني بقيادة ابو عوجاء، وقد ارتقى من رفاقه في تلك المواجهه الشرسة، الشهيد البطل يسلم عبدالله علوي امشعث، رحمة الله تتغشاه، كما جرح من رفاقه ايضا، حسين محمد عبيد حافظة، ويسلم صالح حسين، بينما تم جرح وأسر العميد ثابت ناصر الجيلاني في تلك المواجهه التي شارك فيها أيضا قائد المقاومة الجنوبية بسرار المناضل علي ناصر المريسي، والمناضل وضاح الميسري وآخرين، وكان ذلك في 31يناير من العام 2015م، كما شارك مع زمرة الاحرار من أبناء الجنوب في مقاومة ومقارعة مغول العصر عناصر المد الحوثي ومليشياته الإرهابية المدعومة من ايران أثناء غزوها لأرض الجنوب بداية العام 2015م وحمل بندقيته على كتفه، مدافعا عن حمى وحياض الأرض والعرض، من تلك الشرذمة الباغية وطهروا أرض الجنوب من دنسها ورجسها.

كان آخر لقاء جمعنا بالفقيد المناضل "ابو مجاهد" قبل وفاته بشهرين، أثناء حضوره اللقاء التشاوري للمشاىخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية والقبلية، الذي شهدته مديرية سرار يوم 27 أغسطس الماضي، وقد أبى الفقيد ابو مجاهد إلا أن يحضر اللقاء رغم أنه كان يعاني حينها من آلام المرض الذي بداء يتهدد جسده.

الفقيد المناضل محمد جرهوم من مواليد1949م منطقة العلاة بيافع مديرية سرار-محافظة أبين، واب لثلاثة أبناء هم انيس ومفيد، ومجاهد، انخرط في السلك العسكري في عام 1975م وعمل في جهاز أمن الدولة بعدن، وتدرج في السلك العسكري إلى رتبة عقيد، وكغيره من الكوادر العسكرية الجنوبية الشريفة تعرض الفقيد المناضل جرهوم للظلم والاقصاء من عمله بفعل سياسة نظام صنعاء التي مارسها بحق أبناء الجنوب بعد حرب صيف العام 1994م الظالمة التي شنها نظام صنعاء الهمجي المتخلف واراد من خلالها احتلال الجنوب، واستمر محروما من جميع الحقوق المتعلقة بالترقية والعلاوات السنوية وغيرها من الحقوق.

وهكذا نكون قد حاولنا من خلال هذه العجالة إجراء قراءة سريعة في شريط حياة الفقيد المناضل ابو مجاهد، الذي ظل ثابتا على المبدا لم يتغير ولم يتبدل، بعد أن قضى شطرا كبيرا من حياته في النضال والتضحية والإيمان بالقضية الجنوبية، لم يتخلف يوما عن مسيرة أو اجتماع يختص بمناقشة قضية الجنوب، إلى أن اعيته رحلة العمر وفتك به المرض في آخر أيام حياته، حتى سلم روحه الطاهره إلى بارئها، صباح يوم الجمعة الماضية الموافق 18 من شهر سبتمبر الجاري، في مستشفى الريادة بالعاصمة الجنوبية عدن، عن عمر ناهز (75) عاما وقد شيع المئات من أبناء المديرية جثمانه، بعد الصلاة عليه في جامع الفرقان بمركز مديرية سرار ووري جسده الطاهر الثرى، بمقبرة عيسى مسقط رأسه، وسط حزن عميق عم ارجاء يافع والجنوب على رحيله.

تغمد الله الفقيد المناضل محمد احمد جرهوم ابو مجاهد بواسع رحمته، سائلين الله تعالى بأن يشمله بعظيم عفوه وغفرانه، وان يسكنه فسيح جنانه، وان يلهم اخوانه وأولاده وجميع أهله وذويه ومحبيه ورفاق دربه جميل الصبر والسلوان ..

انا لله وانا اليه راجعون.