كتابات وآراء


الخميس - 13 يونيو 2019 - الساعة 06:27 م

كُتب بواسطة : صالح شائف حسين - ارشيف الكاتب


الحديث السياسي عن الشفافية والوضوح في مواقف وسياسات الدول بل وحتى في مواقف القوى والتيارات السياسية المختلفة ؛ إنما هو نوع من الخطاب السياسي الموّجه الذي يٌلبَس كقناع تختفي خلفه الكثير من الحقائق والمواقف غير المعلنة أو المؤجل إعلانها ولأسباب ودواعي مختلفة ؛ وبالتالي فإن البناء على مفردات الخطابات المعلنة أو الإعتماد عليها دون اليقين من مصداقيتها وبتعميد من معطيات وحقائق الواقع والمشفوعة على أقل تقدير بتفاهمات وإلتزامات وتعهدات متبادلة وموثقة يبنى عليها وتضمن مصالح وأهداف الجميع المشتركة ؛ لهو شكل من أشكال السراب السياسي الخادع ؛ وما ينطبق على الدول والقوى والتيارات السياسية هنا ينطبق كذلك على الشخصيات والرموز السياسية ممن يمارسون نفس الخطاب الموجّه والمزدوج وهو المرتبط أساسا بمصالحهم الخاصة أو بطموحاتهم السياسية وهنا تكمن إنتهازيتهم !

وعلى الوجه الأخر من الغموض نرى بأن هناك دول وأيضا قوى وتيارات وأحزاب سياسية مع إختلاف المساحات والمكانة وإختلاف الأهداف ودرجة التأثير بينها وبين الدول ؛ تتعمد الغموض ( المطلق ) ولا تفصح عن سياساتها ومواقفها بشكل علني ولا تتبع أسلوب الخطاب السياسي الموجه في بعض القصايا والملفات الشائكة المنخرطة فيها أو المتفاعلة معها ؛ أو أنها تفضل الدبلوماسية الهادئة السري منها والمعلن ؛ وفيها ومن خلالها يمكن أن تمارس الخطاب المزدوج واللغة المتعددة الدلالات والمعاني وبما يجعلها توصل موقفها وبأكثر من رسالة ولأكثر من جهة حفاظا على مصالحها بدرجة رئيسية وعلى مصالح حلفائها الذين منحتهم الثقة وتخضعها لمزيد من التحقق والتقييم والمراجعة المستمرة ..

وبالتالي فإن الموقف من هكذا ( خطاب ) يحتاج للإنتباه والتفاعل الحذر مع الأخذ بعين الإعتبار حقائق الواقع ومعطياته مع ما يتطلبه ذلك أيضا وكما أشرنا أعلاه من إعتماد على التفاهمات والضمانات الموثوقه و الموثقة بشكل ما لأن الثقة هنا والنوايا الحسنة أو العواطف ليس لها مكان من الإعراب كما يقال في عالم السياسة والمصالح المتحركة وغير الثابتة والمتناقضة على الدوام ؛ ووفقا لما تفرضه موازين القوى في مختلف الميادين وتجعل وتحوّل مما قد كان بالأمس متفقا عليه ومحل وئام وتفاهم وشراكة إلى ساحة للتنافر والخصومة والعداء ؛ وهنا يتم إختبار الإرادة الواعية وتتجلى قدرة القراءة السياسية المعمقة وتبرز مواهب وقدرات القيادات المختلفة في تجسيد النهج السياسي النابع من الخط السياسي العام والرؤية البرنامجية الشاملة والملتزم بأهدافها النهائية مع ما تتطلبه المواقف التكتيكية من تغيير في الآليات والأساليب أو تفرضه الظروف مؤقتاً !