كتابات وآراء


الأحد - 25 يونيو 2023 - الساعة 01:47 م

كُتب بواسطة : د. عيدروس نصر - ارشيف الكاتب




تصادف هذه الأيام الذكرى الثلاثين لجريمة تصفية القائد العسكري والشخصية الوطنية المعروفة نائب رئيس الدائرة السياسية في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، مستشار وزير الدفاع، العميد ماجد مرشد سيف.


تدرج العميد الشهيد ماجد في السلك العسكري الجنوبي من جندي ثم صف ضابط فضابط حتى استحق الترقية إلى عقيد ثم عميد في العام ١٩٩٠، وكان قد حصل على العديد من الدورات العسكرية التأهيلية في الكلية العسكرية ثم الدراسات التخصصية في الاتحاد السوفييتي،
وخلال عمله في الجيش الجنوبي لعب الشهيد ماجد ادواراً بطولية في العديد من المواقف الوطنية الحاسمة، سواءٌ في المواجهات المباشرة مع الأعداء والجماعات التخريبية والإرهابية، أو من خلال العمل التوعوي والتنويري والمعنوي في الوحدات التي كان فيها قائدا عسكرياً وسياسياً.



كان الشهيد ماجد عنواناً للجندي والضابط الوطني المتميز، المتصف بسجايا وخصال النزاهة والروح الوطنية والمهارة القيادية والتواضع والصدق والوفاء والتطلع إلى المستقبل المشرق لكل أبناء الشعب.


لم يستشهد العميدالشهيد ماجد في معركة عسكرية على الحدود أو في مواجهة الجماعات التخريبية المعادية القادمة من الخارج.


بل إنه كان عائداً بعد منتصف الليل من مطار العاصمة صنعاء حيثما ذهب لتوديع أحد الوفود الأجنبية العسكرية الصديقة،
وأثناء عودته بمعية نجلهِ طارق لاحظ الأثنان سيارةً تلاحقهما طوال رحلة العودة.


ومع اقترابهما من شارع كلية الشرطة باشر مستخدمو تلك السيارة إطلاق النار على سيارة الشهيد ماجد ونجله.


وبقية القصة معروفة للجميع، فقد أسفرت ألمواجهات غير المتكافئة بين الشهيد ونجلهِ من ناحية وبين الجماعات المطاردة والمتقطعة ومعها أفراد النقاط العسكرية المتكاثرة في شوارع العاصمة صنعاء آنذاك، إلى إصابات بالغة تعرض لها الشهيد وتم على إثرها اعتقاله مضرجاً بدمه وجرى نقله إلى معسكر الأمن المركزي الذي كان يقوده محمد عبد الله صالح الشقيق الأكبر للرئيس صالح، والد اللواء (حالياً) طارق محمد عبد الله صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، وقد أكد شهود عيان أن محمد عبد الله صالح هو نفسه من قام بالتصفية الجسدية للشهيد ماجد وبمسدسه الشخصي.


قضية الشهيد ماجد ليست حالة فردية ولم تحصل على خلفية ثأر شخصي بين القتلة والقتيل، بل لقد كانت تكثيفاً للصراع المحتدم بين اتجاهين متناقضين داخل منظومة ما سمي (افتراءً وزوراً وتلفيقاً) بدولة الوحدة اليمنية.

وتشاء الأقدار التراجيدية كتراجيدية الحالة اليمنية نفسها، أن يصبح نجل القاتل عضواً في هيئة رئاسة بلد هي اصلا بلاد القتيل، وتشاء العجائب أن ابن القاتل يمر هارباً من الهزيمة التي ألحقها به حلفاء عمه الرئيس، ليعبر بارض القتيل الشهيد دون أن يعترض طريقه أحد من أولياء دم القتيل الشهيد، بل وإن يستضاف في عاصمة بلاد القتيل الشهيد ويوفَّر له الأمان، دون أن يسأله أحد عن جريمة أبيه القاتل.


الكثيرون يتساءلون:
هل سيفعلها ابن القاتل (عضو المجلس الرئاسي) ويعتذر عن فعلة ابيه و يطلب من أولياء دم الشهيد السماح والعفو؟ أم إنه ما يزال يسلك نفس سلوك والده وعمه مع الأرض وأهلها الذين استضافوه وأطعموه من جوع وآمنوه من خوف؟


هذا التساؤل المشروع، الذي حتى لو جرت الإجابة عليه بالإيجاب، لا يعني سقوط الجريمة بالتقادم، ولن ينهي جميع الجرائم التي ارتكبها تحالف ١٩٩٤م بحق الجنوب والجنوبيين، لكن الرد بالإيجاب يمكن أن يمثل بادرة حسن نية تجاه ضحايا الحرب والغزو والاجتياح.

وإن غدا لناظره قريب.