كتابات وآراء


الإثنين - 28 أكتوبر 2024 - الساعة 11:18 ص

كُتب بواسطة : د.عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




تشجيع التجارة بين الشمال والجنوب قد يبدو خيارا منطقيا لتعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة. ولكن إذا نظرنا بعمق إلى الواقع، نجد أن هذه التجارة قد لا تصب في مصلحة المواطن الجنوبي دائما. يشير البعض إلى أن الاقتصاد الشمالي يتعامل بآلية تستغل المواطن الجنوبي عن طريق رفع أسعار الخضار والفواكه، غير مراعي للظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطن في الجنوب. هذا الأمر يخلق نوعا من الاحتكار الموجه، حيث يتم التحكم في الأسعار بصورة غير متناسبة مع قدرة المواطن على التحمل، وكأن تاجر الشمال يراعي مصالحه الخاصة فقط دون النظر إلى احتياجات الشريك الجنوبي.
ما يزيد الأمور تعقيدا هو اعتماد الجنوب على العملة السعودية في شراء السلع من الشمال، مما يجعل المواطن الجنوبي في موقف شبيه بالتعامل مع الأجنبي، حيث تُباع له السلع وكأنها صادرات لدولة أخرى. وبذلك، تتضاعف الضغوطات الاقتصادية على المواطن الجنوبي، دون أن تكون له فرصة كبيرة في منافسة عادلة أو حرية اختيار بدائل بأسعار معقولة.

المنافسة مع الموردين الشماليين قد تكون خطوة إيجابية نحو تقليص هذه الاحتكارات. فبفتح المجال للتجارة الخارجية، يمكن كسر قيود الاحتكار الذي يتفنن بعض التجار الشماليين في فرضه على السوق الجنوبي، مما قد يدفعهم إلى تحسين سياساتهم السعرية وتعزيز مفهوم المنافسة الحرة. أما إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فسيستمر المواطن الجنوبي في دفع ثمن تلك الممارسات الاحتكارية دون تحسن يذكر في مستوى الأسعار أو توفر السلع بشكل مناسب.