كتابات وآراء


الإثنين - 30 ديسمبر 2024 - الساعة 01:22 ص

كُتب بواسطة : حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب



في موقف سياسي تكتنفه الشبهات، يصر الصحفي الجنوبي فتحي بن لزرق على التمسك بالوحدة اليمنية، بينما ترتفع أصوات أبناء الجنوب المطالبة باستعادة دولتهم واعلان استقلالهم. بعد ان تحولت هذه الوحدة، التي كانت في البداية حلمًا، إلى كابوس من الظلم والتهميش والفقر الذي ظل يلاحقهم ويقض مضاجعهم منذ تحقيقها، بل والى احتلال عسكري لوطنهم. فهل حقًا يعبر بن لزرق عن قناعة وحدوية، أم أن هناك دوافع خفية وراء موقفه المريب هذا؟

ومع احترامي الشديد لحق كل مراطن جنوبي في التعبير عن آرائه، بحرية غير ان الامر يصبح مثيرًا للسخرية والقرف عندما تتعارض هذه الآراء مع إرادة شعب بكامله. اذ كيف يمكن لبن لزرق أن ينفصل وينسلخ عن شعبه ويغض الطرف عن معاناة ملايين الجنوبيين الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الاستقلال، بينما يتمسك بالوحدة التي جلبت لهم الويلات منذ عام 1990؟

ألا يبدو غريبًا أن يقبل بن لزرق بالتضحية بحقوق الشعب الذي ينتمي إليه لصالح الشماليين، الذين لا تربطه بهم أي صلة؟ فهل يعتقد أن الجنوبيين ليسوا في حاجة إلى ثرواتهم، ويجب عليهم التبرع بها للشمال تحت شعار الوحدة؟ أم أنه يرى نفسه سخي بحقوق الشعب الجنوبي الى ذلك الحد الذي، يجعله مستعدا لتوزيع ثروات الجنوبيين على الشماليين ويقدمها لهم كهدية على طبق من ذهب عن طريق الاستمرار في الوحدة معهم؟

وتتجلى المفارقة في موقف بن لزرق عندما نتساءل: هل هو حريص على الشماليين ويخشى عليهم من الفقر إذا انفصل الجنوبيين عنهم؟ مع العلم أن الشمال كان يعيش قبل الوحدة في ظل ظروفً اقتصادية أفضل من تلك التي كان يعيشها الجنوب خلال نفس الفترة. فكيف يمكن لموقفه أن يستند إلى خوفه على الشماليين بينما يعرف جيدًا أن وضعهم الاقتصادي والمعيشي كان أفضل بكثير من وضع الجنوب قبل الوحدة؟

اما إذا كان بن لزرق يتبنى هذا الموقف بدافع الوطنية، فهل الوطنية تعني بالنسبة له التفريط بحقوق ومصالح الشعب الجنوبي الذي ينتمي اليه وتقديمها للشماليين بعد ان نهبوا منها مانهبوا بإسم الوحدة؟ وإذا كان يدعي القومية، فلماذا لا يدعو لوحدة عربية شاملة بدلاً من التمسك بشراكة غير متكافئة بين الجنوب والشمال؟

وفي المجمل فانه لا يوجد جنوبي شريف واحد يمكنه التمسك بالوحدة بعد أن عانى من تداعياتها. خيث جرب الجنوبيون مرارة الوحدة وعرفوا كيف كانت النتيجة دمارًا للجنوب والشمال على حد سواء. لذا يبقى السؤال مطروحا: لماذا يستمر فتحي بن لزرق في الدفاع عن الوحدة رغم كل المعاناة التي شهدها شعبه منذ تحقيقها قبل ثلاثة عقود من الزمن؟

ان موقفه المريب هذا يبدو وكأنه تحدٍ لإرادة الشعب الجنوبي، مما يضعه في خانة الشكوك حول دوافعه الحقيقية. هل هو فعلاً وحدوي أم انه مجرد شخص. اناني يرفض الاعتراف بالواقع الذي يعيشه الشعب الجنوبي كونه هو المستفيد الوحيد من الوحدة الاحتلالية للجنوب؟