كتابات وآراء


السبت - 17 فبراير 2018 - الساعة 12:35 م

كُتب بواسطة : عادل العبيدي - ارشيف الكاتب



استمر التجاهل المستمر عن فئة الموظفين المدنيين المستمرين في أعمالهم والمتقاعدين المدنيين والعسكريين،وخاصة اصحاب الرواتب المتدنية جدا وإذا لم ينظر إلى حالهم الوظيفي ، و إلى ظروف معيشتهم الصعبة التي يتكبدون معاناتها ، فأننا نوشك على العيش مستقبلا في مجتمع قد تجبره ظروفه المادية أن يكون بلا ضوابط أنسانية أخلاقية أجتماعية دينية ، إلا من رحم ربي ، و التي هي أضافة إلى جانب معاناتهم النفسية التي أصابتهم وتراكمت عليهم بسبب الحرب التي طال أمدها ، وبسبب التآمرات و الأعمال الإجرامية التي استهدفت المواطن العادي بدرجة أساسية.
الموظف المدني وخاصة المعلمين ومن يشتغلون في وظائف عادية لمكاتب بعض الوزارات التي لا ترد إيرادات، يعيشون اليوم حياة الهلكة و الأهمال المتعمد وعدم النظر في حالهم ، ولا يعطى لهم قدرا من الأهمية لوظائفهم وواجباتهم ، وكأن أعمالهم لا فائدة منها و غير داخلة في توعية المجتمع و أصلاح حاله ، وتعليم أجياله ، فتجدهم منبوذين مسيبين من قبل ما يسمى بحكومة الشرعية ومن دول التحالف العربي، متروكين لوحدهم يصارعون الأوضاع والمتغيرات الجديدة التي أفرزتها مرحلة الحرب والتي إلى اليوم مازالت في تصاعد مستمر ، كخلق الأزمات وأنعدام الخدمات و أرتفاع الاسعار ، التي أنهكت الشعب وعلى مقاومة تلك الظروف ضعفت قواه ، وتحديدا الموظف المدني العادي ، الذي مازال يتقاضى ذلك الراتب البسيط الذي كان يستلمه قبل حرب 2015م ، ورغم أن أسعار المواد الغذائية والخدمات والمشتقات النفطية قد أرتفعت إلى الاضعاف على ما كانت عليه قبل الحرب ، ومع هذا لم يلتفت إلى الموظف المدني العادي وإعانته على مواجهة تلك الظروف ، لا في تحسين رواتبهم وزيادة أجورها، ولا حتى يذكرونهم بأي مكرمات ، وكأن هذه الشريحة من المجتمع لا كرامة لها ولا أهمية ولا يعيلون أسر .
حفظ كرامة الشعوب وأخلاقها وأجيالها يكون بالحفاظ على كرامة "المعلم" التي تكون بتهيئة جو مناسب له في جميع مقومات حياته حتى يؤدي دوره الوطني والتربوي والتعليمي على أكمل وجه ، وليس بالأنتقاص من حقوقه ، وفي عدم الأهتمام به وتركه مشرد الذهن ، يعاني الغرق في حياة لا يستطيع فيها أن يوفي لنفسه ولا لأسرته أدنى متطلباتهم الأساسية ، تتخطفه أيادي الدائنين من كل أتجاه.
من يصدق أن المعلمين وغيرهم من الموظفين المدنيين الذي توظفوا في العام 2011م إلى يومنا هذا مازالوا يستلمون راتب وقدره 33الف ريال فقط ، أين سيكون موضع هذا المبلغ الزهيد مقارنة بحال أسعار اليوم ؟ ، بل حتى المعلمين القدامى الذين كنا نتباهى أنهم يستلمون رواتب لابأس بها نوعا ما ، اليوم قد الراتب الأساسي للعسكري المستجد ، الذي لم يخدم بعد يستلم أفضل منه ، هذا إلى جانب ما سيكون للعسكري المستجد من علاوات وحوافز ومكافأت و أكراميات و ألف سعودي لبعض الألوية والنخب ، ونحن نشيد بهذا الاستحقاق للعسكري و لا نحسدهم عليه ، ولكن أيضا يجب من الدولة أن تكون هناك مراعاة للمعلمين والموظفين البسطاء والمتقاعدين العسكريين والمدنيين ، أسوة بزملائهم العسكريين، فهم أخوان في جهاز أداري واحد للدولة، أكان عسكري أو مدني ، وجميعهم يعانون الظروف نفسها .
لا يعلم بأحوال الناس إلا الله ، وكم هي كثيرة تلك الأسر التي معيلهم رحل عن الحياة ولا يكون لهم إلا مرتب تقاعدي زهيد يستلموه من البريد ، أو الأسر التي يكون جميع أفرادها من الأناث، ومعيلهم أنثى موظف في جهة مدنية براتب بسيط ، ليس لهم حيلة أخرى لتحسين مصدر دخلهم .
وضع غير مقبول ، هذا الذي يعيشه الموظف المدني العادي ، وخاصة في المناطق الجنوبية المحررة ، التي فيها وبحكم وضعها السياسي والعسكري في فرض السيطرة تتنافس تلك القوى المتصارعة في بناء جيوشها الخاصة و أعطائها كل الدعم والأهتمام، على حساب تعاسة الموظف المدني الذي لا يدري إلى من يرفع شكواه ، مهمشا بين حكومة الشرعية والانتقالي الجنوبي ودول التحالف العربي .