الأحد - 23 فبراير 2025 - الساعة 12:13 ص
حداثة المفاهيم بالنسبة للقالب المجتمعي قد يجعل النظرة قاصرة وهذه الأخيرة قد تعيق تحقيق الأمن لكن ورغم كل الظروف الذي يمر به مجتمعنا الجنوبي إلا أنه كان من أوائل من عرف مفهوما كالمشاركة المجتمعية بل كان نظاما يسير عليه إذ كانت الجهات الأمنية آخر ما يلجأ إليه المواطن في أموره ذلك بسبب أن أدوار المؤسسات المجتمعية جرت فاعليتها بالتزامها بمهامها على أكمل وجه ، لكن اليوم ومنذ 1994جراء نظام عفاش الذي عثي بالمجتمع فسادا جعل من منظومة المجتمع المتزنة أخرى عشوائية ، كما أن استهدافه لمؤسسات المجتمع شكل عائقا آخر صنع واقعا مغايرا لما كان عليه المجتمع . لكننا اليوم نقف على استشراف مستقبل نصنعه بأياد مخلصة في حب الوطن نحو هدف استعادة دولتنا الجنوبية ووسط سعي دؤوب في أن تتظافر كل الجهود لصناعة الحاضر المثمر والمستقبل المشرق ويبقى لجزئية الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن ضرورة ملحة وحاجة ماسة للغاية .
إن قصور الوعي بأهمية الشراكة في المجال الأمني الناتج عن أن الأمن فقط مسؤولية الدولة وتحفظ الجهات الأمنية بخصوصية الأجهزة الأمنية جعل حوله سياجا لا يشرك فيه أحد وهنا يكون حجم الضرورة في إعادة صياغة الوعي عامة لذا كل الجهات الأمنية والمجتمعية كون التحديات والعقبات التي تمر بها تفاصيل المجتمع تحتاج لجهود الجميع حتى الفرد ( المواطن العادي ) لتعزيز أمن المجتمع وحمايته ، إذ نرى في واقعنا الحالي أن المؤسسات المجتمعية غير مستوعبة لتلك الأهمية وأن الجهات الأمنية وإن كانت هي الجهة الرسمية في مسألة الأمن واستتبابه إلا أنها قطعا ليست الوحيدة لأنها لن تسطيع أن تقوم بكل الأدوار .
إن تعاون الأفراد ومؤسسات المجتمع المختلفة على كافة الأصعدة من شأنه أن يجعل عمل الجهات الأمنية ذا فاعلية والمجتمع عامة مسؤولية الجميع ، كما نعلم أن المجتمع نظام مفتوح ذا علاقة تبادلية بين مؤثر ومتأثر ومن منطلق قضية الإنسان المثلى وهي الحاجة إلى الأمن فإننا ندعم ضرورة التكامل المؤسسي لتوحيد الخطاب المجتمعي لسد ثغرات ما قد يقع به المجتمع من مشكلات من شأنها زعزعة الأمن المجتمعي واستقراره ، وهنا يبرز جليا حقيقة معنى الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن وذلك لأن مفهوم الشراكة المجتمعية يعنى بمشاركة كل مؤسسات المجتمع الخاصة والعامة ونظرا لما نواجه من تغيرات يفرزها واقعنا تشمل مجالات الحياة المختلفة منها الاقتصادية والاجتماعية وأيضا الثقافية فإننا أمام تحديات صعاب لكنها تسهل في حال كان العمل منسقا ومتسقا مرسوم بخطة واضحة واستراتيجيات مبينة الأهداف لدعم المجال الأمني كل بما يتلاءم مع طبيعة عملها ، على سبيل المثال إذا كانت الأجهزة الأمنية معنية بالحفاظ على الأمن فإن مؤسسات المجتمع المختلفة معنية بما يحقق ذلك من توعية ووقاية وإسناد كالمؤسسة التعليمية والدينية والإعلامية .... الخ .
وعليه يمكنني تعريف الشراكة هي أي تعاون يلزم الأطراف بضوابط من شأنه تنفيذ مشروع أو مشاريع تحقق الأهداف المرسومة نحو التنمية المجتمعية وتعزيز المشاركة المجتمعية علاوة على ذلك ضرورة التزام كل الأطراف بما تم برمه من اتفاق في مذكرة تفاهم موقعة من قبلهم جميعًا .
أهداف الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن :
الغاية من تبني نظام الشراكة المجتمعية هو إشراك أكبر عدد من المجتمع في إدارة وتنظيم وحل مشاكلهم بأنفسهم وھذا الاشتراك الفعلي يكون أصدق تعبير للديمقراطية والحكم السليم . وتعتبر المشاركة المجتمعية احدى أدوات الشراكة لتفعيل الديمقراطية في المجتمع وأداة للتغيير، ويمكن من خلالها الإسهام في بناء مجتمع ديمقراطي حر وعادل ، تدار فيه الشؤون العامة من خلال الناس على أساس احترام الكرامة الإنسانية والديمقراطية ، والعدل الاجتماعي والمساواة بين جميع المواطنين، وبالمشاركة يتم تحريك همم وطاقات الأفراد للإسهام في مواجهة تحديات التنمية . كما تعد إحدى الأدوات التي يمكن من خلالها النهوض بالحركة العلمية في المجتمع والارتقاء به ، وعدم وضع العراقيل أمام الجهود المبذولة من جانب قيادات المجتمع وغير ذلك من الأمور التي تؤدى إلى تنمية المجتمع، وتحقيق أهدافه والعمل على تحسين مستوى أداء العمل اجتماعيا واقتصاديا ، وذلك من خلال الإسهام في جهود التنمية سواء بالرأي أو بالعمل أو التمويل .
أهميه الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن :
تطوير مفاهيم الشراكات والتشجيع على الانخراط في مجالات الخدمة المجتمعية والمجالات التدريبية .
توفير بيئة عاملة مجتمعية من خلال التعاون بين المؤسسات .
تشجيع الشراكة البحثية، والتركيز على المجالات البحثية ونشر نتائج الأبحاث، وتنظيم واستضافة الفعاليات والمحاضرات العامة .
مساهمة المجتمع المحلي في صنع التغييرات الهامة في العمل المؤسسي والذي يتم عن طريق المشاركة المجتمعية التي تعمل على تحقيق أهدافهم المشتركة .
المشاركة المجتمعية تؤدي إلى فهم متكامل وإمكانية كبيرة في التعامل مع المشكلات ذلك أن المجتمع المحلي ھم أصحاب المصلحة الحقيقية وھم الذين يشعرون بحقيقة المشاكل التي تواجه حياتهم .
تخفض الشراكة المجتمعية تكاليف مكافحة الجريمة والتبعات الاقتصادية لحدوثها .
تخفيف العبء على الأجهزة الأمنية
تفعيل دور مؤسسات المجتمع المختلفة
اقتراح السياسات والاستراتيجيات والآليات التي من شأنها تدعيم الأمن المجتمعي
التفاعل الاجتماعي
متطلبات الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن :
شعور كل فرد من أفراد المجتمع بانتمائه إلى ھذا المجتمع ، و أن هناك ظروف ومشكلات ومصالح مشتركة ، وعلاقات متبادلة بينه وبين كل فرد فيه .
تعاون طوعي بين أفراد المجتمع المحلي و مجموعاته يهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة للمصالح والاحتياجات الأساسية لهم .
معارف وخبرات محلية تمكن من الاعتماد على الذات .
مؤسسات وتنظيمات مجتمعية فعّالة وقادرة على تعبئة طاقات أفراد المجتمع المحلي و تمثيل أهدافهم وتطلعاتهم .
علاقات ديمقراطية تشجع و تدعم المبادرات المحلية في برامج التنمية المجتمعية الشاملة بكافة مراحلها .
وجود بعض المرتكزات لتطوير واقع الجامعات الخاصة في ظل اتجاه خدمة المجتمع والشراكة المجتمعية ، وفيما يلي عرض لتلك المرتكزات:
تشكيل هيكل إداري يختص بخدمة المجتمع والشراكة المجتمعية ، و رسم سياسة عامة وواضحة فيما يخص خدمة المجتمع والشراكة المجتمعية على أن تكون واضحة ومحددة و ترجمة هذه السياسة إلى خطط وبرامج قصيرة وطويلة المدى، وتكو ن خطط ثابتة لا تتغير بتغير الأشخاص شريطة أن يشترك في وضع هذه الخطط والبرامج القيادات الإدارية المختصة بخدمة المجتمع والشراكة المجتمعية ، وعدد من القيادات الإدارية ورجال الأعمال في مؤسسات وقطاعات المجتمع الحكومية والخاصة والمحافظة أو من ينوب عنه ومندوبين من الإدارة المحلية .
من وجهة نظري أرى ضرورة وضع خارطة تفصيلية بالمشكلات التي تعوق الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن وترتيبها الترتيب الصحيح حسب الأولويات بالنسبة للمجتمع وتعزيز التكامل بين التخطيط الذي تضعه المحافظة والتخطيط من مركزية السلطة العليا للبلاد بهدف تلبية متطلبات التنمية التي تقع فيها و تحديد الاحتياجات لمؤسسات وقطاعات المجتمع العام والخاص مما يمكن من حصرها وبذلك يبطل اعاقتها ووضع المعالجات والحلول لما فيه التطور والبناء .
معوقات الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن :
تراخي السلطات المسؤولة من البدء بعمل خطوة كهذه بهدف المشاركة في عملية التخطيط والتنمية لربما قلة وعي بفاعلية الشراكة .
عدم القدرة على التعبير وحرية الرأي لجميع أفراد المجتمع, بشكل كاف بغض النظر عن مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية .
عدم إتاحة الفرص الكافية للمساهمة في الانخراط بالعمل المجتمعي، وذلك بسبب محدودية النطاق الاقتصادي .
الفجوة الواسعة بين أصحاب القرار في مؤسسات المجتمع التنموية، والعاملين فيها من جهة والسكان من جهة أخرى .
غياب سياسات التحفيز والتشجيع من الدولة .
عدم معرفة العاملين لحدود مشاركتهم وفهمهم للمشاركة ومتطلباتها وظروفها.
إن المعوقات والصعوبات التي تقف أمام الشراكة المجتمعية تتمثل بـ :
عدم وجود سياسة واضحة ومحددة فيما يخص خدمة المجتمع والشراكة المجتمعية .
ضعف الاهتمام بالجانب التسويقي والتوعية المجتمعية للأنشطة والخدمات .
عزوف مؤسسات المجتمع عن المشاركة في تدعيم الأجهزة الأمنية وذلك بسبب احتكار تلك الأجهزة للمهام دون وعي وإدراك إلى ضرورة خلق واقع يشارك في الجميع .
انعدام قنوات الاتصال والتنسيق بين السلطة و قطاعات المجتمع .
ضعف ثقة مؤسسات وقطاعات المجتمع بالخدمات وضعف قناعاتها بالفائدة العملية لها.
إذ يمكن تفصيل المعوقات كالتالي :
معوقات ذات صلة بالمجتمع :
الاعتقاد بأن الأمن مسؤولية الجهات الأمنية
عدم الوعي الكافي بمفهوم الشراكة المجتمعية
عدم وجود إدارة أو هيئة تعنى بالشراكة المجتمعية
معوقات ذات صلة بالمؤسسات المجتمعية :
الروتين الرتيب الذي يلازم المؤسسات
غياب المنهجية والاعتماد على الاجتهادات الشخصية
تداخل المهامات بين المؤسسات
معوقات ذات صلة بالجهات الأصلية :
عدم إشراك المؤسسات المجتمعية في مراحل الشراكة المجتمعية
الفجوة بين أطراف عملية الشراكة المجتمعية في كون النظرة قاصرة تجاه الأجهزة الأمنية بأنها متسلطة
عدم تحديد ما الذي تريده الجهات الأمنية من مؤسسات المجتمع المختلفة بشكل واضح مما يجعلها في حالة تحفظ يعيق من الشركة المجتمعية
التوصيات والمقترحات
استحداث إدارة تحت مسمى إدارة الشراكة المجتمعية والتنمية .
نشر ثقافة المشاركة المجتمعية عبر وسائل الإعلام وتوضيح أهميتها ودورها في نفع المجتمع وأفراده .
تبني الشراكة المجتمعية كسياسة عامة و تفعيل الشراكة المجتمعية في كل مجالات الحياة .
تعزيز العلاقة بين شرائح المجتمع ومؤسساته بدعم المبادرات التي تحقق الشراكة المجتمعية .
تفعيل دور الشراكة المجتمعية بين المؤسسات والمنظمات .
تنسيق الاتفاقات مع المراكز البحثية الخدمية لتحقيق نتائج أفضل .
توظيف الموارد المالية الواردة من المجتمع المحلي .
تنظيم التسجيل وتوثيق أنشطة المشاركة المجتمعية .
عمل ميزانية ملائمة للمشاركة المجتمعية .
إجراء دراسات حول الشراكة المجتمعية وعلاقتها بالمؤسسات وعن الآلية المتبعة لتعزيز تلك العلاقات وربط الشراكة المجتمعية بمتغيرات كالجودة، والميزة التنافسية نظرا لقلة الدراسات المتخصصة عن الشراكات المهنية تبحث في موضوع الشراكة .
دراسة أسباب ضعف الشراكات القائمة ، ومعالجة فجوتها .
التعرف على الاتجاهات الحديثة التي تتناول الشراكات .
تحفيز الهيئات من خلال إشراك القطاعين الخاص والعام ومؤسسات المجتمع المدني .
استزادة أصحاب القرار باستراتيجيات الشراكة المجتمعية .
تقييم واقع أداء المؤسسات بدورها في تعزيز الأمن
اقتراح السياسات التي من شأنها تعزيز الأمن وتضمين خطة عمل من شأنها تحديد الأدوار مما يضمن التوازن
وضع مفهوم دقيق ومحدد للشراكة المجتمعية ما يجنبها الاجتهادات التي قد تؤطر وفقا للمصالح الشخصية لتلك المؤسسات
التأكيد في الخطاب الديني إلى ضرورة الحفاظ على أمن المجتمع واستقراره وتعزيز الشراكة المجتمعية لأن ذلك واجب على كل مسلم.