في عدن أصبح مع الأسف كل شيء مباح حتى لو كانت عواقبه وخيمة على المواطنين وكل من يسكن فيها.. والدراجات النارية هي إحدى الظواهر الدخيلة على محافظة عدن، فكان بداية ظهورها قبل الحرب ولكن بقلة، وما إن جاءت الحرب وتحررت المدينة وجدناها تعجّ بهذه الدراجات التي لا يبرح شارع أن يخلو منها؛ بل أنها أصبحت وسيلة مواصلات رسمية متعارف بها عند كثير من المواطنين والسلطات والجهات المسئولة وكذا المرور، وأصبح لديها قوانين مثلها مثل بقية الوسائل الأخرى، كل ذلك سار بشكل طبيعي إلى أن أضافت عدداً من الأمور المزعجة التي حولت هذه الوسيلة من مواصلات إلى أشياء أخرى، أولها أن هناك من جعلها وسيلة للقتل والاغتيالات وهناك من جعلها وسيلة للنشل والسرقة وإقلاق سكينة المواطنين ومصدر إزعاج في الشوارع، إضافة للمخالفات العديدة في قانون السير في الطرق الرئيسية والفرعية.
هناك عدد من المظاهر التي ترتب عليها تواجد وتزايد أعداد الدراجات النارية في محافظة عدن بمختلف مديرياتها نعرضها في سياق التقرير التالي..
أصبحت وسيلة للقتل
إذا عدنا بالذاكرة للوراء خاصة في فترة ما بعد الحرب مباشرة والأعوام التي تلتها سنجد أن معظم الاغتيالات التي حدثت لعدد من أئمة المساجد والشخصيات القيادية ورجال الأمن والشرطة وحتى الموظفين في عدد من القطاعات الحكومية، تمت عن طريق الدراجات النارية التي يقوم من يركبها بإطلاق الرصاص الكاتم للصوت، بل وتصوير ذلك بالفيديو وبثه في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما كانت تقوم به جماعة تصنف نفسها بأنها تتبع داعش, فكثير من الفيديوهات والصور التي تم تداولها كانت توضح أن هناك أشخاص كانوا يركبون دراجة نارية ملثمين يطلقون الرصاص ويقتلون الشخصية المراد الوصول لها بعدها يلوذوا بالفرار دون أن يعرف لهم طريق أو يتمكن أحد من الوصول لهم.
ورغم الإجراءات الأمنية التي كانت تتبع أي عملية اغتيال استمر الحال وسقط عدد كبير من الضحايا وأصبحت الدراجات النارية تسبب القلق والخوف للمواطنين خاصة من تسير في أوقات متأخرة من الليل أو ساعات الفجر أو حتى في وضح النهار لكن في الأماكن والأحياء الفرعية والأماكن قليلة الازدحام.
عمليات سرقة ونشل
في فترة من الفترات شكا عدد من المواطنين من بعض الحوادث التي تسببت بها الدراجات النارية أبرزها سرقة الحقائب لنساء في الشوارع العامة خاصة في مديريتي (الشيخ عثمان والمنصورة)، المعروف عنهم بالكثافة والازدحام السكاني، ووجدت عدد من البلاغات في أقسام الشرطة لنساء وفتيات قالوا: (بأنهم تعرضوا لسرقة حقائبهن عن طريق أشخاص يركبون دراجات نارية).
ليس هذا فقط بل شكا عدد من الشباب من سرقة جوالاتهم بينما هم يتحدثون بها في الشارع فيقوم من يركب الدراجة بأخذ الهاتف من المواطنين والفرار بسرعة البرق ولا يعرف له أي طريق، وقد تكررت هذه الحوادث بشكل مريب وسط استياء كبير من قبل المواطنين في عموم مديريات محافظة عدن.
ومن هنا تحولت الدراجات النارية إلى أداة تستخدم في النشل وسرقة المواطنين الذين يعتبرون الضحية الكبرى فيما يحدث وما يلحق بهم من أضرار في حال سرقة أموالهم أو أغراضهم أو جوالاتهم، وأكبر دليل على الفوضى وعدم الرقابة الحاصلة لهذه الدراجات من قبل الجهات الأمنية التي لم تتخذ أي إجراء صارم بحقهم.
صدور قرار بتمكينها
من الأشياء التي تسببت في إزعاجٍ كبير، هي أن هناك قرار صدر من مدير أمن عدن يقضي باعتبار الدراجات النارية مثلها مثل أي مواطن أو راكب وأنه في حال تم صدام أو وقوع حادث بينها وبين أي وسيلة مواصلات أخرى تعامل معاملة الراكب وهذا يعني أنها قد تكون مخطئة، لكن تم إعطاءها الحق الكامل مهما كانت المخالفة المرتكبة منها.
هذا القرار كان بمثابة تمكين دورها وقبولها وسيلة مواصلات بشكل رسمي، وهذا ما نلاحظه بالفعل على أرض الواقع، فهناك من يتخذها وسيلة للمواصلات وللتنقل بين المديرية والأخرى أو حتى المناطق المختلفة في نفس نطاق المديرية نفسها، بحجة أن تكلفتها بسيطة مقارنة بوسائل المواصلات الأخرى كالباصات، وأنها تصل بسرعة أكبر بغض النظر عن كمية المخالفات والسير في خط معاكس أو الأخطاء المرورية التي ترتكبها في الشوارع كل يوم وقد تؤدي إلى حوادث سير وإصابات خطيرة للمواطنين وحالات وفاة إذا كان الحادث قويا.
مصدر قلق
وبين اعتبار الدراجات النارية وسيلة من وسائل المواصلات واعتراض البعض على تواجدها في محافظة عدن، تظل مصدر قلق وحذر وقد تكون عاملاً من عوامل الازدحام المروري الحاصل ونتيجة من نتائج النزوح الكبير الحاصل من المحافظات الشمالية إلى عدن.. فهل سيزداد عددها أم أن للأمن والمرور كلمة أخرى في قادم الأيام؟