الأحد - 16 فبراير 2025 - الساعة 09:48 م
لإحلال السلام الدائم في بلادنا، يجب على المجتمع الدولي استغلال المتغيرات الإقليمية، لا سيما تراجع النفوذ الإيراني، للضغط على الحوثيين وإجبارهم على الانخراط في مفاوضات جادة. غير أن أي تسوية سياسية تتجاهل القضية الجنوبية لن تحقق نجاحًا، بل ستؤدي إلى مزيد من التعقيد وتأجيج الصراع. فالقضية الجنوبية ليست مسألة هامشية، بل محور رئيسي في المشهد اليمني، وأي تجاهل لمطالب الجنوبيين سيؤدي إلى إفشال أي جهود نحو تسوية حقيقية.
في هذا الإطار، أثبتت القوات الجنوبية، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، دورها المحوري في مكافحة الإرهاب وتأمين الاستقرار في المناطق المحررة. كما أن هذه القوات لم تكن مجرد عنصر أمني، بل شريك فاعل في التصدي للتهديدات الإرهابية، ما يجعل دعمها وتعزيز قدراتها ضرورة استراتيجية لضمان الاستقرار الإقليمي. من هذا المنطلق، فإن إشراك الجنوب في أي مفاوضات سلام مستقبلية ليس خيارًا بل شرط أساسي لإنجاح أي اتفاق مستدام.
تجاهل الجنوب أو فرض حلول لا تأخذ في الاعتبار تطلعات شعبه لن يؤدي إلا إلى استمرار الصراع وإطالة أمد الأزمة. لذا، فإن أي تسوية سياسية يجب أن تضع القضية الجنوبية في صلب أولوياتها، وإلا فإن مساعي السلام ستظل قاصرة عن تحقيق الاستقرار المنشود.
ومن هذا المناطق فأن أي حل مستقبلي يجب أن يستند إلى مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها. وهذا يفرض على المجتمع الإقليمي والدولي إعادة النظر في هيكلة الدولة اليمنية، وإيجاد صيغة سياسية عادلة تعيد الاعتبار للواقع الذي كان قائمًا قبل عام 1990، باعتباره الخيار الأكثر واقعية لضمان استقرار طويل الأمد وإنهاء دوامة الصراع المستمرة منذ عقود.
وعلى ضوء تعقيد المشهد اليمني، تقع مسؤولية كبيرة على عاتق دول التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في معالجة جذور الأزمة، وليس فقط التعامل مع تداعياتها. يتطلب ذلك نهجًا أكثر شمولية، يركز على معالجة العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تغذي الصراع، بعيدًا عن المصالح الآنية أو الحسابات العاطفية التي قد تعيق الحلول العادلة والمستدامة ، كما ان بناء حلول عملية تستند إلى الواقع السياسي والاقتصادي في اليمن أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، وذلك لضمان تحقيق تطلعات أبناء الجنوب والشمال على حد سواء، وتعزيز الثقة بين دول المنطقة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، كما هو الحال في بقية دول العالم المتقدم.
إلى جانب ذلك، فإن إنهاء النزاعات الطائفية والحروب الداخلية، والقضاء على بؤر الإرهاب، لم يعد مجرد شأن يمني أو إقليمي، بل قضية تمس الأمن الدولي ككل. لذا، فإن دعم المجتمع الدولي للجهود التي تبذلها السعودية والإمارات لحل الأزمة اليمنية بات أمرًا حتميًا، من أجل تفكيك تعقيدات الأزمة والتوصل إلى سلام عادل يلبي طموحات الشعبين في الجنوب والشمال.