تقرير / منير النقيب
حقّق الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي - خلال أسبوع - نقلة دبلوماسية كبيرة في غمار التوجهات الجنوبية الخارجية، بهدف استعادة الدولة وتحقيق آمال شعب ظل يناجيها عشرات السنين بمسيرة كفاح وثورات عُمِّدت بدماء الحرية والكرامة الجنوبية.
وأكد الرئيس القائد عيدروس الزبيدي على أن "اتفاق الرياض" يعد إنجازًا تاريخيًا، سينقل الجنوب إلى مرحلة متقدمة من العمل السياسي والإداري، مبيناً أن الملف الإنساني والتنموي والخدماتي يعد من أولويات المجلس في المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن الجنوبيين بقيادة المجلس الانتقالي، سيشاركون في المراحل القادمة من المفاوضات، بما يضمن حقهم في تقرير مصيرهم ومستقبلهم السياسي.
جاء ذلك خلال لقائه - الأحد الماضي، بعاصمة دولة الإمارات المتحدة أبو ظبي - المبعوث الخاص لمملكة السويد سعادة السفير بيتر سيمنبي، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، سعادة السفير هانس جروندبرج، وسفير مملكة السويد لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، سعادة السفير هنريك لاندرهولم، ورئيس قسم الشؤون السياسية والصحافة والإعلام ونائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن السيد ريكاردو فيلا.
وفي المقابل، عبّر مبعوث وسفراء دول الاتحاد الأوروبي عن بالغ سرورهم باللقاء مع الرئيس القائد عيدوس الزُبيدي، مؤكدين على دعمهم للسلام والخطوات السلمية التي يسير عليها المجلس الانتقالي الجنوبي.
وبحث اللقاء مستجدات الأوضاع على الساحة السياسية بعد اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية الشقيقة، والفرصة التي شكّلها هذا الاتفاق ليكون انطلاقة حقيقية نحو عملية سلام شاملة، وكذا سُبل التنسيق والتعاون المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي والمجلس الانتقالي الجنوبي بما يعزز السلام والاستقرار في بلادنا.
كما ناقش اللقاء الملف الإنساني والتنموي، وشدد على ضرورة خلق كافة التسهيلات اللازمة لمعالجة الوضع الإنساني في الجنوب وفي الشمال على حد سواء، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور المؤسسات الحكومية ومحاربة الفساد، ليتسنّى للاتحاد الأوروبي والدول الراعية تنفيذ برامج الدعم الإغاثي والإنساني والتنموي.
وأشاد اللقاء بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة من أجل السلام، وكذا جهود الأمم المتحدة التي يقودها المبعوث الخاص للأمين العام، السيد مارتن غريفيث.
الانتقالي أمام الدول العظمى
وفي أسبوع واحد استطاع الرئيس القائد عيدروس الزبيدي اختصار المسافات بتوجهات سياسية دبلوماسية متقنة، تمكن من خلالها لقاء سفراء عدد من الدول الاوربية ، بهدف إعادة دولة الجنوب الى واجهة العالم بعد تغييب دام ثلاثون عام.
لقاءات متواصلة
اللافت أنّ هذه الاجتماعات التي عُقدت في غضون سبعة أيام فقط، جمعت بين سفراء دول عظمى لها الكثير من النفوذ على مستوى العالم، وهو ما يُعضِّد من قوة القضية الجنوبية على مستوى العالم، وينضم ذلك ضمن الجهود التي تؤديها القيادة السياسية الجنوبية لتحقيق حلم شعبها المنشود.
الاجتماعات مع السفراء ناقشت جميعها تطورات القضية الجنوبية العادلة، وقد نقل الرئيس الزُبيدي خلالها حق الجنوبيين في استعادة دولتهم، بالإضافة إلى التزام القيادة الجنوبية بالعمل على مكافحة الإرهاب في المنطقة.
عندما تصمد لقضيتك "سيأتونك"
وفي تعليقة على لقاءات الرئيس بسفراء الدول العظمى أكد عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي لطفي شطارة أن إرادة الشعوب لا تموت مهما تأخر تحقيقها.
وقال شطارة: "عندما تصمد لقضيتك وتكون قاعدتك التي تقف عليها إرادة شعب، سيأتونك وسيتحاورون معك".
وأضاف: "إرادة الشعوب صحيح أن تحقيقها قد يتأخر، ولكنها لا تموت، وفي نهاية المطاف ستنتصر لا محالة".
وتابع: "رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي/ عيدروس الزبيدي، يواصل سلسلة لقاءاته بسفراء الدول العظمى في مجلس الأمن الدولي".
وإذا كان اتفاق الرياض يُنظر إليه بأنّه انتصارٌ جنوبي ملهم، يُحقق أهداف وتطلعات المرحلة فيما يتعلق بضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، فإنّ نقل القضية الجنوبية إلى دول العالم أجمع عبر الدبلوماسية المُحنكَة للمجلس الانتقالي يعتبر نصرًا لا يقل أهمية.
القاسم المشترك من كل هذه التطورات أنّ الجنوب أصبح صوتا مسموعًا على مستوى العالم أجمع، وقد أصبح طرفًا رئيسيًّا في مستقبل الحل السياسي الشامل للأزمة اليمنية، وذلك بعدما عانت القضية الجنوبية تهميشًا متعمدًا من قِبل النظام الحاكم في الشمال.
كما أنّ هذه النجاحات تبرهن على أنّ القيادة السياسية الجنوبية تتعامل مع قضية الشعب العادلة وفقًا لأسس استراتيجية تُعبِّر عن طبيعة المرحلة والتحديات التي تواجه الجنوب خلالها.
حنكة سياسية حكيمة
وتحلَّى المجلس الانتقالي بحنكة سياسية هائلة في تعامله مع مختلف التحديات التي تُحيط بالقضية الجنوبية من كافة الجهات، عندما ركَّز اهتمامه في هذه المرحلة على ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية.
وبعد عدوان المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية على الجنوب في أغسطس الماضي، وجَّهت المملكة العربية السعودية دعوة لعقد اجتماعات بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، ووافق المجلس على الفور، في تأكيد على استراتيجيته الهادئة القائمة على ضبط النفس وتغليب الهدوء على التصعيد، إلا أنّ الحكومة المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، رفضت المشاركة، وعندما كرّرت الرياض دعوتها وافقت حكومة الشرعية على مضض، تخوفًا من الوقوع في حرج أمام التحالف العربي بقيادة السعودية.
ضبط بوصلة الحرب
كان الهدف من مشاركة المجلس الانتقالي في المحادثات التي عُقدت في مدينة جدة، والتي أفضت في وقتٍ لاحق إلى اتفاق الرياض الموقّع مطلع نوفمبر الجاري، هو ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية بعدما شوّهها إخوان الشرعية الذين ارتموا في أحضان الحوثيين.
خندق واحد مع التحالف
في الوقت نفسه، كانت القوات الجنوبية تُسطِّر - ولا تزال - بطولات عظيمة في مواجهة الحوثيين، سواء في الجنوب أو حتى في أراضي الشمال، في تأكيد على أنّ الجنوب يقف في خندق واحد مع التحالف العربي ضد المشروع الحوثي الموالي للأجندة الإيرانية المتطرفة.
استراتيجية القيادة الجنوبية على الصعيدين السياسي والعسكري أضفت على المجلس الانتقالي شرعيةً على شرعيته، ومنحته ثقة كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي باعتباره شريكًا موثوقًا فيه في مكافحة الإرهاب.
المشروع الإخواني
المكافحة الجنوبية للإرهاب لا تقتصر على التصدي للمليشيات الحوثية وحسب، لكنّ أيضًا يتعلق الأمر بالقضاء على المشروع الإخواني الإرهابي الذي يمثله حزب الإصلاح، الذي يتحالف مع تنظيمات إرهابية بينها تنظيم القاعدة.
يُشير ذلك إلى أهمية الدور الجنوبي في المشروع العربي في مكافحة الإرهاب في عموم المنطقة عبر التصدي لتنظيمات إرهابية تتوارى وراء شعارات زائفة، تستخدم أغلبها شعار الدين بغية تمرير مشروعاتها الهدامة.