4 مايو/ تقرير / رامي الردفاني
شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت يوم امس فعالية كبرى احتفاء بالذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من قوى الشر والتطرف والارهاب ودعما لقوات النخبة الحضرمية تحت شعار " حضرموت أولا" في تظاهرة مليونية وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات احتشد لها أبناء حضرموت بمختلف شرائحهم من كل حدب وصوب.
فمنذ ساعات الصباح الباكر ليوم الخميس، تدفقت جموع غفيرة من مختلف مديريات حضرموت من مناطق الساحل والوادي والصحراء، باتجاه قلب مدينة المكلا.
واكتظت الساحات والشوارع المؤدية إليها بالمشاركين الذين رفعوا أعلام دولة الجنوب وصوراً لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي، ونائبه اللواء أحمد سعيد بن بريك. إلى جانب صور لشهداء قوات النخبة الحضرمية وقادة دولة الإمارات العربية المتحدة تعبيرا عن تقدير الدور الإماراتي في دعم عملية التحرير وتأسيس النخبة.
وهيمنت على الأجواء شعارات وهتافات تمجد تضحيات قوات النخبة الحضرمية وتثمن الدعم الإماراتي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع في حضرموت على أنه كان عاملاً حاسماً، إلى جانب جهود أبناء المحافظة، في دحر تنظيم القاعدة من المكلا ومدن الساحل الأخرى في عملية عسكرية نوعية تمت في الرابع والعشرين من أبريل 2016.
"رسائل هامة"
التظاهرة الحاشدة التي شهدت حضور لافت لقيادات بارزة في المجلس الانتقالي الجنوبي يتقدمهم نائب رئيس المجلس الانتقالي اللواء أحمد سعيد بن بريك ورئيس الجمعية الوطنية الجنوبية الأستاذ علي عبدالله الكثيري جاءت لتؤكد على عدة رسائل رئيسية أبرزها أن حضرموت جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوبي وعكست حجم الثقة التي يحظى بها المجلس كممثل سياسي لقطاع واسع من سكان المحافظة.
على أهمية الذكرى كرمز للانتصار على الإرهاب، وشددت على ضرورة الحفاظ على المكتسبات الأمنية التي تحققت بفضل قوات النخبة، والتي يُنظر إليها كنموذج للإدارة الأمنية المحلية الناجحة.
كما أكدت الكلمات على الالتفاف الشعبي الواسع حول المجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره، من وجهة نظر المتحدثين، الممثل الشرعي لتطلعات قطاعات واسعة من أبناء حضرموت والجنوب بشكل عام.
" عاما الحسم"
أكد نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك أن العام الحالي سيكون "عاماً حاسماً" بعد عقد من النضال، مشدداً على أنه "لن يتم التهاون في الحفاظ على مكتسبات النخبة الحضرمية".
مشيراً إلى أن حضرموت تواجه اليوم "تحديات جديدة ومتغيرات دولية"، ملمحاً إلى وجود "جهات تحاول إعادة الفوضى إلى المحافظة بعد أن نعمت بالأمن" عقب تحرير ساحلها.
مقدما الشكر لدول التحالف العربي، وخص بالذكر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لدعمهما المستمر لقوات النخبة الحضرمية. موجها تحية خاصة لأسر الشهداء والجرحى الذين سقطوا في سبيل "أمن حضرموت واستقرارها".
موجها ثلاث رسائل نارية خص بها التحالف العربي، أشار فيها إلى أنه وعلى الرغم من ثروات حضرموت، فإنها لا تزال تعاني من تردي الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، داعياً إلى تعزيز الدعم لتحسين الوضع الخدمي والمعيشي.
وفي رسالته الثانية لمجلس القيادة الرئاسي، قال بن بريك إن مضي أكثر من عامين على تشكيل المجلس دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض يستدعي "إعادة تقييم الأداء"، مؤكداً على أهمية تمكين شخصيات قادرة على الاستجابة لتطلعات المواطنين.
أما الرسالة الثالثة، فكانت تحذيراً شديد اللهجة للجهات التي اتهمها بالسعي لإعادة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش إلى حضرموت، قائلاً: "حرام عليكم حضرموت، لن نسمح بتحويلها مجدداً إلى ساحة للإرهاب والدمار".
"اشادة"
أشاد بن بريك بدور قوات النخبة الحضرمية، مؤكداً أنها "ستواصل انتشارها في وادي وصحراء حضرموت"، وهي إشارة إلى المطلب المتكرر بنشر هذه القوات في مناطق الوادي التي لا تزال تحت سيطرة قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للحكومة والتي تلاحقها تهم عديدة بالتخادم مع مليشيات الحوثيين والإخوان، فضلا عن صلتها وتسهيلاتها لتنظيم القاعدة.
" دعوة للتكاتف"
أشار بن بريك الى أن حضرموت "مؤهلة اليوم لتكون نواة الدولة الجنوبية القادمة بما تمتلكه من كفاءات وعقول" داعيا كافة شيوخ القبائل، وخص بالذكر شيخ مشائخ قبائل حضرموت عمرو بن حبريش، وجميع مكونات المجتمع الحضرمي، إلى "التكاتف وتوحيد الصف خلف مشروع حضرموت، حفاظًا على كرامتها وحقوقها ومستقبل أبنائها".
" تعزيز الثقة في النخبة الحضرمية"
شكلت الذكرى فرصة لتسليط الضوء مجدداً على قوات النخبة الحضرمية، التي ينظر إليها في المحافظة كـ"نموذج ناجح" للإدارة الأمنية الذاتية بفضل تأسيسها ودعمها من الإمارات. وأشاد رئيس تنفيذية انتقالي حضرموت العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، بدور النخبة، مؤكدا أنها "صمام أمان حضرموت".
معربا عن رفضه لما وصفها بـ"القوى التي تعمل على تقزيم دور النخبة الحضرمية والساعية إلى تجاوزها بتشكيلات عسكرية جديدة"، محذراً من "زرع بذور الفتنة"
وأشار إلى أن مشروع المجلس الانتقالي الفيدرالي هو ما يمنح المحافظات صلاحيات إدارة شؤونها.
من جانبها أكدت الأستاذة أوسان باحسين اعتزاز المرأة الحضرمية بالنخبة ودورها في تحقيق الأمن، مشيرة إلى التاريخ النضالي للمرأة في حضرموت.
" عرض عسكري مهيب"
شهد اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، صباح الخميس، في الريان، عرضاً عسكرياً مهيباً لقوات رمزية من جنود وضباط وصف ضباط المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية، بمناسبة الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من العناصر الإرهابية.
وأشاد اللواء بن بريك بالتنظيم والانضباط للعرض، الذي حضره الأستاذ علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، واللواء الركن طالب بارجاش، قائد المنطقة العسكرية الثانية، واللواء مطيع المنهالي ، مدير أمن ساحل حضرموت، وعدد من القيادات العسكرية والسياسية.
وفي ختام العرض العسكري، قام قائد المنطقة العسكرية الثانية، بتسليم درع تكريمي للواء الركن أحمد بن بريك، لجهوده في معركة تحرير مدن الساحل، ومساهماته في بناء قوات النخبة الحضرمية، بالإضافة إلى تسليم عدداً من الدروع التكريمية، لعدد ممن شاركوا في معركة تحرير ساحل حضرموت.
" حضرموت جنوبية الهوى والهوية"
البيان الختامي لـ مليونية "حضرموت أولاً"، لخص مواقف وتطلعات المشاركين وجدد الدعم الكامل لقوات النخبة الحضرمية، ووصفها بأنها "خط أحمر وجدت لتبقى كصمام أمان وأساس راسخ لأمن واستقرار حضرموت".
وأكد البيان على أن عملية تحرير ساحل حضرموت عام 2016 لم تكن مجرد معركة أمنية، بل "سياسية أيضاً"، حيث مثلت "رفضاً عملياً لإعادة إنتاج أدوات نظام الاحتلال الذي جعل من الإرهاب وسيلة لإحكام قبضته على حضرموت"، في إشارة ضمنية إلى نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وما بعده. وأشاد البيان بالدور المحوري للنخبة الحضرمية والدعم "الأخوي" من التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات.
وشدد البيان على أن حضرموت "كانت وستظل من المحافظات المبادرة والرائدة في المشروع الوطني الجنوبي"، مؤكداً أن "الجنوب الذي ننشده اليوم وغدًا, جنوب جديد - دولة فيدرالية حديثة - تقوم على مبادئ العدالة والتوازن، وتلبي استحقاقات جميع مكوناته، وفي مقدمتها مطالب واستحقاقات أبناء حضرموت التي أكدتها وأقرتها والتزمت بها وثائق وأدبيات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه".
كما أكد البيان أن حضرموت تمثل العمق الاستراتيجي للجنوب وركيزة أساسية من ركائزه. فلا جنوب بلا حضرموت، ولا حضرموت خارج إطار الجنوب". ودعا البيان إلى توحيد الكلمة ونبذ الفرقة، مشيراً إلى أن "المجلس الانتقالي الجنوبي يمد يده لكل القوى والمكونات في حضرموت للعمل المشترك"
"تعبيرا عن المدنية"
شعار "حضرموت أولاً" جسد الدعوة للعمل من أجل المصلحة العامة لحضرموت، وتعبير عن ثقافة مدنية راقية تُسهم في ترسيخ الوعي الوطني الجامع في الجنوب" ويعكس الدور الحضاري والقيمي الذي يمكن أن تلعبه حضرموت في الجنوب الفيدرالي الجديد".
" مطالب"
طالبت مليونية "حضرموت أولا" بعدد من المحددات، في تعزيز قدرات النخبة الحضرمية من خلال التأهيل المستمر والتجهيز النوعي، بما في ذلك الطيران المسير، وتحديث هويتها المؤسسية بإزالة رموز النظام السابق لتعزيز انتمائها "الحضرمي الجنوبي"
وبسط سيطرة النخبة الحضرمية على كامل تراب حضرموت، وتكرار المطالبة بنقل قوات المنطقة العسكرية الأولى إلى جبهات القتال ضد الحوثيين، استناداً إلى مخرجات مشاورات الرياض.
ودعوة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتنفيذ القرارات المتعلقة بأولويات ومطالب حضرموت العاجلة التي أقرت في 7 يناير 2025، مع التأكيد على أن هذه لا تمثل سوى "النذر اليسير" من حقوق حضرموت.
" آرى وانطباعات"
قال عضو مجلس المستشارين الجنوبي عن محافظة حضرموت، سالم أحمد المرشدي إن "استضافة المكلا لهذه الفعالية الحاشدة تعكس بوضوح "انتصار إرادة أبناء حضرموت وتصميمهم على المضي قدماً في المشروع الوطني الجنوبي".
مضيفا أن "حضرموت تتقدم بثبات لترسيخ موقعها التاريخي والمحوري في مسار استعادة الدولة الجنوبية"،
موضحا أن "الإرادة الحضرمية" تتجسد في "التلاحم الشعبي الواسع الذي تجاوز الحديث عن الجنوب كونه مجرد شعار ليصبح مشروعاً سياسياً وهوية راسخة في وجدان الناس".
مؤكدا أن أبناء حضرموت واجهوا بوعي محاولات زرع الفتنة، بفضل قيادة جنوبية موحدة ورؤية وطنية جامعة، معتبراً الفعالية بمثابة "استفتاء شعبي ورد عملي وحاسم".
وعبر عدد من المشاركين في الفعالية بالقول: "هذا يوم لا يُنسى في تاريخ حضرموت، يوم استعدنا فيه أمننا وكرامتنا بفضل تضحيات أبنائنا في النخبة الحضرمية ودعم أشقائنا في الإمارات".
مضيفين:" ان وجودهم هنا اليوم هو لتجديد العهد لهؤلاء الأبطال، وللتأكيد على وقوفنا مع المجلس الانتقالي لتحقيق أهدافنا المشتركة".
مؤكدين ان هذه الحشود تعبير صادق عن نبض الشارع الحضرمي الذي يرى في المجلس الانتقالي خياره الاستراتيجي.
مجددين ثقتهم بقيادة الرئيس الزبيدي لمواصلة المسار النضالي حتى تحقيق كامل تطلعات شعب الجنوب وفي مقدمتها تحرير كافة الأراضي الجنوبية وقيام الدولة الجنوبية الفدرالية المنشودة"، مثمنين مواقف المجلس الانتقالي والرئيس القائد اللواء اللواء عيدروس الزبيدي الداعمة لمطالب حضرموت.
" تفويض شعبي"
يرى مراقبون حضارم أن هذا الحشد المليوني لم يكن مجرد احتفال بالذكرى، بل "تفويض شعبي صريح ومتجدد" للمجلس لاستكمال مساعيه نحو استعادة الدولة الجنوبية التي يعتقدون أنها ستضمن لحضرموت إدارة شؤونها وثرواتها.
مؤكدين أن "حضرموت جنوبية وأن الانتقالي هو الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب".
" استفتاء شعبي"
يرى مراقبون وسياسيون محليون أن الفعالية لم تكن مجرد احتفاء بالذكرى بل بمثابة استفتاء شعبي واسع النطاق، جدد فيه أبناء حضرموت تفويضهم للمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي لقيادة تطلعاتهم السياسية نحو إدارة شؤونهم بأنفسهم، ضمن ما يطمحون إليه من إطار دولة جنوبية فيدرالية.
ووصف سياسيون في تصريحات خاصة الحشد بأنه "صفعة جديدة" للمحاولات الرامية إلى تجاوز "الإرادة الشعبية الحضرمية" أو فرض أجندات سياسية لا تحظى بقبول محلي واسع النطاق.